خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٥
فراسخ على طرف البرية بناها هشام لما وقع الطاعون بالشام وكان يسكنها في الصيف وكانت قبل من بناء الملوك الغسانيين ثم قال لصاحب شرطته: إياك وأن أرى هذا فكلم وجوه الناس صاحب الشرطة أن يقره. ففعل. فكان يصيب من فضول أطعمة الناس ويأوي بالليل إلى المساجد..
قال أبو النجم: ولم يكن في الرصافة أحد يضيف إلا سليم بن كيسان الكلبي وعمرو بن بسطام الثعلبي فكنت أتغدى عند سليم وأتعشى عند عمرو وآتي المسجد فأبيت فيه. فأغتم هشام ليلة وأراد محدثا يحدثه فقال لخادم له: أبغني محدثا أعرابيا أهوج شاعرا يروي الشعر. فخرج) الحاجب إلى المسجد فإذا هو بأبي النجم فضربه برجله وقال له: قم أجب أمير المؤمنين. فقال: أنا أعرابي غريب. قال: إياك أبغي فها تروي الشعر قال: نعم وأقوله.
فأقبل به حتى أدخله القصر وأغلق الباب فأيقن بالشر ثم مضى فأدخله على هشام في بيت صغير بينه وبين أهله ستر رقيق والشمع بين يديه يزهر. قال: فلما دخلت قال لي: أبو النجم قلت: نعم يا أمير المؤمنين طريدك. قال: اجلس. فسألني وقال: أين كنت تأوي فأخبرته الخبر. قال: ومالك من الولد والمال قلت: أما المال فلا مال لي وأما الولد فلي ثلاث بنات وبني يقال له: شيان بفتح الشين وتشديد الياء المثناة التحتية قال: هل أخرجت من بناتك قلت: نعم زوجت اثنتين وبقيت واحدة تجمز في أبياتنا كأنها نعامة قال: وما وصيت به الأولى وكانت تسمى برة قال:
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»