واعتزل الحارث بن عباد وقال هذا أمر لا ناقة لي فيه ولا جمل فعرض سعد في هذا الشعر بقعود الحارث بن عباد عن الحرب كما يأتي بيانه وزعم الدماميني في الحاشية الهندية أن الوضع هنا معناه الإهلاك وذلك لعدم وقوفه على منشأ هذا الشعر وبعد هذا البيت * والحرب لا يبقى لجا * حمها التخيل والمراح * * إلا الفتى الصبار في النجدات والفرس الوقاح * وهما من أبيات سيبويه أوردهما على أن الفتى وما بعده بدل من التخيل والمراح على الاتساع والمجاز ولذلك أوردهما الشارح أيضا في باب المستثنى وذلك أنه استثناء منقطع كقولك ما فيها أحد إلا حمار فرفع على لغة بني تميم ولا يخفى أن هذا البدل ليس بدل بعض كما هو شأنه ولهذا قال سيبويه على الاتساع والمجاز ثم أقول هذا بناء على الظاهر وإن اعتبر حذف مضاف أي ذو التخيل فالاستثناء متصل ويختار فيه الإبدال والجاحم بتقديم الجيم على الحاء المهملة المكان الشديد الحر من جحمت النار فهي جاحمة إذا اضطرمت ومنه الجحيم والتخيل التكبر من الخيلاء يقول إنها تزيل نخوة المنخو وذلك أن أولي الغناء يتكرمون عن الخيلاء ويختال المتشبع فإذا جرب فلم يحمد افتضح وسقط والمراح بكسر الميم النشاط أي إنها تكف حدة البطر النشيط وهذا تعريض بالحارث بن عباد بأنه صاحب خيلاء ومراح والصبار مبالغة صابر والنجدة الشدة والبأس في الحرب والوقاح بفتح الواو الفرس الذي حافره صلب شديد ومنه الوقاحة وقال بعدهما بأبيات
(٤٤٨)