الضدين لا ينافي جواز جمع التكسير جمع القلة لتغاير المادتين وكما أن التأكيد لا يجعل المضمر أقل من أن لا يؤكد بل يفيد أمرا زائدا عليه وهو التأكيد كذلك الجمع فيما نحن فيه لا يجعل لفظ التكسير أقل من أن لا يجمع بل يفيد أمرا زائدا عليه وهو تقليل الكثرة الحاصلة من المجامعة معه والحاصل أن ما هو لازم ليس بمحذور وما هو محذور ليس بلازم هكذا ينبغي أن يفهم هذا المقام وقوله خضع الرقاب حال من مفعول رأيتهم والرؤية بصرية في الموضعين ولا تضر الإضافة فإنها لفظية وكذلك نواكسي الأبصار لأن المعنى خضعا رقابهم نواكس أبصارهم وخضع بضمتين جمع خضوع مبالغة خاضع من الخضوع وهو التطامن والتواضع يقال خضع لغريمة يخضع بفتحهما خضوعا ذل واستكان وهو قريب من الخشوع إلا أن الخشوع أكثر ما يستعمل في الصوت والخضوع في الأعناق ولهذا أضافه إلى الرقاب ويحتمل أن يكون خضع بضمه فسكون جمع أخضع وهو الذي في عنقه تطامن من خلقة وهذا أبلغ من الأول أي ترى أعناقهم إذا رأوه كأنها خلقت متطامنة من شدة تذللهم وفعل قياس في جمع أفعل وفعلاء صفة غير تفضيل نحو أحمر وحمراء وجمعهما حمر وهذا البيت من قصيدة للفرزدق يمدح بها آل المهلب وخص من بينهم ابنه يزيد أولها (الكامل) * فلأمدحن بني المهلب مدحة * غراء ظاهرة على الأشعار * * مثل النجوم أمامها قمر لها * يجلو الدجى ويضيء ليل الساري * * ورثوا الطعان عن المهلب والقرى * وخلائقا كتدفق الأنهار * * أما البنون فإنهم لم يورثوا * كتراثه لبنيه يوم فخار * إلى أن قال * أما يزيد فإنه تأبى له * نفس موطنة على المقدار * * ورادة شعب المنية بالقنا * فتدر كل معاند نعار * * وإذا النفوس جشأن طامن جأشها * ثقة به لحماية الأدبار *
(٢١٢)