خزانة الأدب - البغدادي - ج ١ - الصفحة ٢١٠
وبين جمع التصحيح فإن الأول موضوع للكثرة والثاني للقلة وقد سأل ابن جني في إعراب الحماسة عن هذا فقال فإن قلت فقد قالوا * فهن يعلكن حدائدداتها * وقالوا * قد جرت الطير أيامنينا * وقالوا صواحبات يوسف ومواليات العرب وقال الفرزدق * خضع الرقاب نواكسي الأبصار * فيمن رواه بالياء ففي هذا على قولك اجتماع الضدين وهو دلالة المثال على الكثرة مع جمعة بالواو والنون والألف والتاء وكل واحد منهما على ما قدمت موضوع للقلة وأجاب عنه بقوله قيل لا يكون مفيد القلة في القلة كأن لا يوجد البتة الا ترى أن نفس نواكس وصواحب يفيد بنفسه مفرد الكثرة أفتراه إذا جمع جمع القلة يصيره ذلك أن يكون أقل من أن لا يجمع أصلا قد كفاه موضوعه للكثرة من احتياجه إلى تثنية فضلا عن جمع قلة أو تجاوز به إلى مثال كثرة كما أن المضمر المجرور وإن ضعف عن عطف المظهر عليه بغير إعادة حرف جر معه فإنه لا يضعف عن توكيده كمررت به نفسه وذلك أنه لا يبلغ به الضعف أن يكون أقل من لا شيء وأنت لو قلت مررت بنفسه لكان قولا جائزا فاعرف هذا النحو انتهى كلامه وهذه عبارة قلقة يتعسر فهم المراد منها فينبغي شرحها فقوله ففي هذا على قولك اجتماع الضدين إلخ أقول لا يخفى عليك أن هذا ليس على ظاهره بل إنما هو في الحقيقة اعتراض بالترديد بين المحذورين ذكر أحدهما لظهوره وترك الآخر اعتمادا على فهم من له حظ من قانون المناظرة وإلا فلا يتم التقريب أصلا كما لا يخفى وتقريره أن هذا الجمع لو جمع جمع القلة يلزم أحد المحذورين إما اجتماع الضدين على تقدير أن يكون القلة والكثرة موجودتين
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»