وقال شارح ديوانه محمد بن حبيب وكان الأعشى فيما روي رحل عند ظهور النبي حتى أتى مكة وكان قد سمع قراءة الكتب فنزل عند عتبة بن ربيعة فسمع به أو جهل فأتاه في فتية من قريش وأهدى له هدية ثم سأله ما جاء بك قال جئت إلى محمد إني كنت سمعت مبعثه في الكتب لأنظر ماذا يقول وماذا يدعو إليه فقال أبو جهل إنه يحرم الزنى فقال لقد كبرت ومالي في الزنى حاجة قال فإنه يحرم عليك الخمر قال فما أحل فجعلوا يحدثونه بأسوأ ما يقدرون عليه فقالوا أنشدنا ما قلت فيه فأنشد (الطويل) * ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وعادك ما عاد السليم المسهدا * وهي قصيدة جيدة عدتها أربعة وعشرون بيتا فلما أنشدهم قالوا هذا رجل لا يمدح أحد إلا رفعه ولا يهجو أحدا إلا وضعه فمن لنا يصرفه عن هذا الوجه فقال أبو جهل للأعشى أما أنت فلو أنشدته هذه لم يقبلها فلم يزالوا به لشقاوته حتى صدوه وخرج من فورته حتى وصل اليمامة فمكث بها قليلا ثم مات وروى ابن دأب وغيره أن الأعشى خرج يريد النبي وقال شعرا حتى إذا كان ببعض الطريق نفرت به راحلته فقتلته فلما أنشد شعره الذي يقول فيه (الطويل) * وآليت لا أرثي لها من كلاله * ولا من حفى حتى تلاقي محمدا * * متى ما تناخي عند باب ابن هاشم * تراحي وتلقي من فواضلة ندى * فقال النبي كاد ينجو ولما وترد هذه القصيدة إن شاء الله مشروحة في شواهد مغني اللبيب فإنه استشهد بغالب أبياتها ولم يقع منها شيء في هذه الشواهد.
(١٨٣)