على أن كلت مفرد كلتا عند الكوفيين والكلام عليه كالكلام على البيت الذي قبله ووالى بين الأمرين موالاة وولاء تابع والجيش الجند وقيل الجند السائر لحرب أو غيرها والعقاب النكال والنعم جمع نعمة وهو المال هنا والظاهر أن مراد الشاعر أن إحدى يديه تفيد النعم لأوليائه والأخرى توقع النقم بأعدائه كما قال آخر (المتقارب) * يداك يد خيرها يرتجى * وأخرى لأعدائها غائظه * وحينئذ فلا يتأتى قول الكوفيين إن كلت هنا بمعنى إحدى فوجب أن يكون أصله كلتا حذفت الألف ضرورة كما تقدم بيانه في البيت السابق وفيه أيضا ما نقلناه وأنشد بعده وهو الشاهد الخامس عشر (الطويل) ((كلانا إذا ما نال شيئا أفاته)) تمامه * ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل * على أن كلا وكلتا لو كانتا مثنيين حقيقة لم يجز عود ضمير المفرد إليهما كما عاد ضمير نال المفرد إلى كلا في هذا البيت فلما عاد إليها ضمير المفرد علم أنها مفردة لفظا مثناة معنى فعاد إليها باعتبار اللفظ وهو الكثير ويجوز أن يثنى الضمير العائد إليها باعتبار المعنى وهذا البيت من أبيات أربعة رواها الرواة لتأبط شرا منهم الأصمعي وأبو حنيفة الدينوري في كتاب النبات وابن قتيبة في أبيات المعاني وخالفهم أبو سعيد السكري وزعم أنها لامرئ القيس ورواها في معلقته المشهورة بعد قوله
(١٤٤)