رأى ذلك كله رئيس أو تاجر أو عالم فإنهم ينالون رياسة وتجارة وعلما لا يخالفهم فيها أحد فان رأى الملك أنه يهيئ مائدة ويزينها فإنه يعانده قوم باغون ويشاورهم ويظفر بهم فان رأى أنه وضع على المائدة طعاما فإنه يأتيه رسول في منازعة فإن كان الطعام حلوا فإنه سرور وإن كان دسما فان المنازعة بقاء وإن رفع الحلو وقدم الحامض الدسم فإنه خير وثبات فإن كان بغير دسم فإنه لا يكون فيه ثبات فان طال رفع الطعام ووضعه فإنه تطول تلك المنازعة ومؤاكلة السلطان العادل شرف وخير في الدين والدنيا وحزن في سبيل الله فان رأى السلطان أنه تحول عن سلطانه من قبل نفسه فإنه يأتي أمرا يندم عليه فإن كان تحوله من قبل غيره فهو ضعف ومهانة في أمره من غيره فان رأى أنه سلطان وهو يمشي في الأسواق مع غيره فكل ذلك تواضع وهو أقوى لسلطانه وإن كان لغير ذلك يضع نفسه من رعيته موضعا خاملا في قدره وخطره فان رأى السلطان هيئته هيئة السوقة فان ذلك لا يضره بل يزيده خيرا إن كان يريد الله بذلك والتواضع له فان رأى أن السلطان يصلى بغير وضوء أو في موضع لا تجوز الصلاة فيه كالمزبلة والمقبرة فإنه يطلب أمرا قد فات فان كانت ولاية فليس لها جند فان رأى أنه مريض فإنه مرض دينه وجوره على رعيته وصحة جسمه في تلك السنة فان رأى أنه مات ولم ير شيئا من هيئة الموت فإنه ينقص في تلك السنة من سلطانه ناحية أو تنهدم من داره ناحية أو يناله هم يتحير فيه ويبهت فان رأى أن السلطان حمل على أعناق الرجال فهو فساد في دينه وقوة في سلطانه وركوبه أعناق الرجال على غير عدله ولين جانبه فان رأى أن السلطان مات ولم يدفن فهو فساد دين له وللعامة ويرجى لهم صلاح دينهم ومراجعتهم ما لم يدفن ويسوى عليه التراب فان مات ودفن وسوى عليه التراب وانصرف الناس عنه فهو اليأس من ذلك الامر إلا أن يشاء الله تعالى، وكل رؤيا ترى من حياة ملك ميت فتأويله لعقب ذلك الملك الميت وحياة سيرته في رعيته أيام حياته وعن أهل بيته وقومه على نحو ما كانوا يعدون به أيام ملكه وإن رأى السلطان أن مقعده أرفع مما هو فيه فإنه يرتفع سلطانه ويعلو فان رأى أن مقعده أوضع مما كان فيه فإنه يتضع سلطانه وتفسد أموره، ومن رأى السلطان العادل دخل محلة أو موضعا فان رحمة الله تعالى تغشى ذلك الموضع وينزل عليه العدل فان رأى ملك متعزز أنه دخل دارا أو محلة أو أرضا ينكر دخوله هناك في اليقظة فهو مصيبة تدخل على أهل ذلك الموضع بقدر ذلك السلطان وإن كان لا ينكر
(٣٥٨)