ويبدأ الانحراف في مسيرة الانسان المسلم عندما يبحث عن زاد آخر غير القرآن، وغير ما ثبته القرآن الكريم من مقاييس، ويتلقى الثقافة، والفكر، والتربية من تحت منبر آخر غير منبر القرآن الكريم. وقد سجلت رواية الحارث الهمداني بداية الانحراف الحضاري في المسيرة الاسلامية عندما بدأ الناس في عهد علي (ع) يخوضون في المسجد بالأحاديث، لا اعرف الآن هذه الأحاديث بالضبط.. ولكنها تؤشر بداية مرحلة العقل، وتوديع مرحلة الروح، ومرحلة القرآن الكريم. وهكذا (فعلوها) واستمر المسلمون في الانحراف.. وتصدى أهل البيت (ع) لهذا الانحراف عن طريق بناء أجيال قرآنية (تعي) قيمة هذا القرآن..
كما (تفهمها) وتبني سلوكها، وفكرها في ضوء هذا الوعي والشعور..
و (التلقي) من القرآن الكريم.. هو المعنى الأساس الذي انحرفت به الثقافة الغربية في الماضي، وفي الحاضر. فسواء في الماضي، أو في الحاضر بدأنا نتلقى من مصادر أخرى غير القرآن.. وبدأنا إذا التقينا بالقرآن الكريم نحكم عليه ونؤوله، ونجره إلى ما نريد من أهواء جرا. ومع أنه كان في التقدير الإلهي ولا يزال (حاكما) و (مهيمنا) وسلطانا على كل المقاييس الفكرية والثقافية..
ونحن على الدوام ظلمنا أنفسنا.. ولا أقول القرآن.. عندما ودعناه وعندما حكمنا عليه مرة (الروايات) (13) باعتباره انه كتاب الغاز، واحاجي لا يفهمه الا من خوطب به، ومرة (الثقافات) لأنها احكام العقول، واحكام العقول مقدمة على ظواهر النصوص والتي هي قواعد الصرف، والنحو الجامدة وغيرها.. كل ذلك، والقرآن لا زال ربيعا لقلوب