في الفصل السابق تناولنا الوعي الديني، والوعي التاريخي والوعي الذاتي.. وهي مجموعات تؤلف جانب البصيرة والرؤية الفكرية للشخصية الاسلامية.. وهذا هو الجانب الأول في الشخصية الاسلامية.. والمرتكز الأساس الذي تقوم عليه، اما الجانب الآخر - والأساس هو الآخر.. فهو الوجدان الاسلامي بالمعنى الواسع الذي يشمل العاطفة كالحب والبغض، والانفعال كالخوف، والرجاء، والغضب، والفرح.
دور الوجدان في الحياة الانسانية وللوجدان بالمعنى المذكور دور كبير في حياة الفرد البشري. فليس الانسان مركبا آليا يتحرك بسبب الإثارات أو بالأحرى الحركات الخارجية، كما هو شأن كل جسم مادي لا يملك الحيوية الذاتية، والاندفاع الذاتي، وليس الانسان كذلك كائنا عقليا صرفا يعقل، فيتحرك بسبب رؤيته العقلية فقط، ويتصرف بإرادة محضة لا يشاركها حب، ولا بغض، ولا غضب، ولا سرور.. ليس الانسان كذلك ولا يمكن ان يكون كذلك، وان أصرت مجموعة من الفلاسفة على أن يكون الانسان إرادة محضة، وعقلا محضا، وان ينطلق من أفعاله، وتصرفاته من الاحساس بالواجب الأخلاقي والشعور بالالزام فقط.
وبسبب هذا الامر..
وبسبب ان للوجدان - عاطفة وانفعالا - اثرا كبيرا في الفكر، وفي السلوك إذ يدفع نحو بعض المواقف ويمنع من بعض، ويقرر بعض الأفكار، ويحول دون بعضها الآخر، بسبب هذين الامرين (عدم انفكاك الانسان