الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٣٠٣
فأخبره شعيب (ع) بالنجاة وترجى أن يهديه سواء السبيل وهو في معنى الدعاء فورد مدين سالما وسأله الرزق فدعاه شعيب ليجزيه أجر ما سقى وزاد تعالى في إكرامه حيث كفاه رزق عشر سنين ووهب له زوجة عفيفة يسكن إليها.
وهكذا كل من كان مع الله كان الله معه ومن أصلح أمرا أصلح الله له أموره والعاقبة الحسنة تكون أخيرا لأولياء الله ولكنها لا تكون غالبا إلا بعد الابتلاء والامتحان والصبر عليهما والجهاد للنفس.
ويروى انه لما دخل موسى على شعيب وإذا هو بالعشاء قد قدم بين يديه ولكنه امتنع عن الأكل فقال له شعيب: كل، فقال موسى: أعوذ بالله، قال أولست جائعا؟ قال: بلى ولكني أخاف أن يكون هذا عوضا لما سقيت لإبنتيك وأنا من أهل بيت لا نبتغي شيئا من عمل الآخرة بملء الأرض ذهبا، قال: لا والله ولكنها عادتي وعادة آبائي أن نقري الضيف ونطعم الطعام فجلس موسى فأكل (1).
وهنا يأتي محل الشاهد من القصة وهو قوله تعالى: (قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ([الآية / 27]، وقد وضعت هذه الآية السبب موضع المسبب وتقدير الكلام: استأجره لأنه قوي أمين وان خير من استأجرت هو القوي الأمين ومعناه ان صاحب القوة البدنية والأمانة النفسية هو خير من غيره.

(1) (الدر المنثور) نقلا عن ابن عساكر ج 5 ص 225 - 226.
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»