الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٧٣
القسم الأول العدل فيما يجري بين الإنسان وخالقه أما القسم الأول فهو العدل فيما يجري بين الإنسان وبين خالقه من أداء حقه وذلك هو أن الله قد وهب لنا الحياة والكمالات وما نحتاج إليه من أنواع الأرزاق والأقوات، وما من يوم يمر علينا إلا ويصل فيه إلينا من نعمه وعطاياه ما تكل الألسن عن حصره وعده. قال تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ([إبراهيم / 35] وكيف نستطيع أن نحصي نعمه علينا مع العلم انه تعالى سخر لنا كافة ما في السماوات وما في الأرض من مخلوقاته، كما قال تعالى: (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ([الجاثية / 14] فهذه نعمه علينا في الدنيا وهيأ لنا أيضا في عالم الآخرة من البهجة والسرور ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب أحد، فوجب إذن ان يكون لله علينا حق نقابل به تلك النعم التي لا تحصى كثرة فتحصل منا حينئذ عدالة في الجملة إذ من أعطي خيرا ولم يقابله بنوع من المقابلة فهو مقصر غير عادل.
ثم أن المقابلة والمكافأة تختلف باختلاف الأشخاص، فما يؤدى به حق إحسان السلطان مثلا غير ما يؤدى به حق إحسان غيره من سائر الناس وإنما تكون مقابله إحسان السلطان بمثل الدعاء له ونشر محاسنه والثناء عليه والإطاعة له بينما تكون مقابلة إحسان غيره من سائر الناس بمثل بذل المال له والسعي في قضاء حوائجه إلى غير ذلك.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»