الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٦١
فهذا العظيم عند قريش اتضح له الحق مرارا عديدة واضحا جليا كوضوح الشمس في رابعة النهار واعترف به ولكنه لخبثه أصر على كفره وعناده، ومن الموارد التي اتضح له الحق فيها واعترف به ما روى المفسرون، كالفخر الرازي والطبرسي وغيرهما عن عكرمة إنه قال: لما نزلت هذه الآية: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (فلما سمعها أخذت بمجامع قلبه فقال للنبي (ص): أعد يا ابن أخي هذا الكلام، فأعاد النبي (ص) الآية عليه فقال: إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وما هو قول بشر (1).
فقوله إن له لحلاوة، أي إنه كلام حلو عذب جميل، وقوله: وإن عليه لطلاوة، أي كأنه مطلي بالحسن والجمال، وقوله: وإن أعلاه لمثمر أي كثير الثمر، وقوله: وإن أسفله لمغدق أي مشتبك الثمر بعضه على بعض، وقوله فما هذا قول بشر أي أن البشر مهما أوتي من فصاحة وبلاغة فإنه لا يستطيع أن يأتي بمثل هذا الكلام.
نعم هكذا اعترف بالحق الواضح الحاسم ولكنه لم يسلم ولم يهتد بل هو الذي قال لقومه من قريش: ما محمد إلا ساحر أما رأيتموه كيف يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه فهو ساحر وما يقوله هو سحر يؤثر، وعلى أثر ذلك أنزل الله تعالى فيه تلك الآيات من سورة المدثر التي منها قوله تعالى: (فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ([المدثر / 25].

(1) راجع (مفاتيح الغيب) ج 5 ص 341 و (مجمع البيان) ج 3 ص 381، و (الميزان) ج 12 ص 374 و (تفسير المراغي) ج 14 ص 130 و (تفسير الطنطاوي) ج 8 ص 174.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»