الأسرة وقضايا الزواج - الدكتور علي القائمي - الصفحة ١٥١
ولا يمكن للطفل أبدا أن يغفر لوالديه ما سبباه له من بؤس وحرمان.
الضياع:
ينشد الأطفال بطبعهم وفطرتهم المكان الآمن المفعم بالاستقرار لكي ينموا ويكبروا، فهناك إحساس فطري بالخطر، ولذا فإنهم يجدوا الطمأنينة في أحضان والديهم.
أما عندما يحدث الطلاق وينفرط عقد الأسرة فإنه يغمرهم إحساس بالضياع، يجتاح تلك القلوب الصغيرة، وعندها يجد الأطفال أنفسهم بلا معين وتملئ نفوسهم بمشاعر المهانة والاذلال، ذلك أن أيا كان من الناس لا يمكن أن يحل مكان الأم أو الأب في رعايتهم والعطف عليهم وتربيتهم التربية اللائقة.
وإنه نوع من القسوة عندما يقدم الزوجان على الطلاق وتدمير ذلك العش الدافئ الذي ينعم به أطفالهم وتشريدهم هنا وهناك وتعريضهم إلى خطر الضياع والانحراف.
إن على المرء أن لا يكون أنانيا في بحثه عن الراحة والاستقرار فيحل مشاكله بطريقة مدمرة تنشأ عنها مشكلات عديدة له ولغيره ممن لم يرتكبوا ذنبا في ذلك.
الأبوة:
ما الذي حدا بك - أيها الأب المحترم - لكي تفقد صبرك وتحملك فتقدم على الطلاق؟ هل تظن بأن مشاكلك قد انتهت أو أنك وجدت الحل الجذري والنهائي لكل متاعبك؟ أما تفكر في المستقبل؟ وهل أن هذه الدنيا تستأهل كل ذلك؟ تستأهل التضحية بأطفالك الذين تتركهم يتلقون تلك الصدمة حيارى ينظرون إلى المستقبل بعيون قلقة وقلوب خائفة.
إن الرجولة لتتناقض مع هكذا عمل، كما أن الأبوة المخلصة الحقة تتنافى معه. إنها تفترض العكس، تفترض التضحية والصبر من أجل حماية الصغار وتربيتهم لكي ينشأوا رجالا صالحين.
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 155 156 157 ... » »»