الأسرة وقضايا الزواج - الدكتور علي القائمي - الصفحة ١٤٩
إن أولى حاجات الصغار في هذه المرحلة الحساسة هي الشعور بالأمن والطمأنينة، ولهذا فهم يتلمسون خطاهم نحو المحيط الدافئ المفعم بالحنان والحب، وأن ما يثير فزعهم ورعبهم هو رؤيتهم مظاهر العنف أو النزاع في المنزل، الذي ينبغي أن يكون عشا دافئا يضم قلوبهم الصغيرة ويلفها بالعطف والمحبة والصفاء.
إن الطفل ليشعر بالألم يعتصر قلبه لدى رؤية والده وهو يصرخ أو لدى رؤية أمه وهي تنتحب، وكم رأينا بعضهم يشكو ذلك بالرغم من سنه الصغيرة التي قد لا تتجاوز الأربع أو الخمس سنوات، ومع ذلك فهو يتمتم: ليتني لم أكن موجودا.. ليتني كنت ابنا لفلان.. وغير ذلك.
إن النزاع في الحياة الزوجية هو بمثابة خنجر مسموم يطعن قلب الطفل ويسبب له آلاما مبرحة، وعندها تنطفئ آماله وتنتهي أحلامه.
مسألة الانفصال:
قد تصل الأمور في نظر أحد الزوجين أو كلاهما إلى الطريق المسدود ويحدث الطلاق، وعندما ينفرط عقد الأسرة ويذهب كل في طريقه في حين يقف الأطفال في مفترق الطريق لا يعرفون أين ستكون وجهتهم ومع من يذهبون! عيونهم على الأب وقلوبهم مع الأم، وفي تلك اللحظة المشؤومة، لحظة الطلاق، يحدث ذلك التمزق العاطفي في أعماق الأطفال.
ولا يقتصر الطلاق والانفصال بين الزوجين فقط، بل إن الأمر يتعدى إلى الأطفال أيضا، فلا بد أن يعرف الوالدان بأن شيئا قد مس العلاقة بينهما وبين أبنائهما، ولا بد أن يشعر الأب أو الأم بأن أطفالهما لم يعودا ملكا خاصا بهما فلكل نصيبه في ذلك. أما الأطفال فإنهم ينتظرون لقاءهم مع الوالدين كما لو كانوا في مهمة رسمية ، حيث تتولى المحاكم ترتيب هكذا لقاءات. ولا ينبغي أن نعتبر ذلك أمرا طبيعيا لدى الطفل يمر دون أن يحدث آثاره في نفسيته، بل لا بد وأن تظهر في المستقبل.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 155 ... » »»