الأسرة وقضايا الزواج - الدكتور علي القائمي - الصفحة ١٤٨
الطفل وروحه، وما أكثر الأطفال الذين ذهبوا ضحية للنزاعات الزوجية، ذلك أن عدم الاستمرار والاضطراب يدمر أول ما يدمر شعور الأطفال بالأمن ويزرع في قلوبهم الخوف ، الأمر الذي يزلزل شخصيتهم، وبالتالي يعرضهم إلى الضياع.
إن مرحلة الطفولة هي أحلى وأجمل المراحل في حياة الإنسان، وأنه مما يدعو إلى الأسف أن يقوم الوالدان، ومن خلال نزاعاتهما، بالإساءة إلى أطفالهم والقضاء على تلك البسمات البريئة التي ترتسم على شفاههم ليحل محلها القلق والخوف والضياع.
النموذج السيء:
يتعلم الأطفال منا أولى دروس الحياة، كما تعتبر حياة الأسرة بالنسبة لهم مدرسة يتعلمون فيها كل شئ، حيث تتراكم في نفوسهم القيم والمواقف والمشاعر والعواطف من خلال سلوكنا وتصرفاتنا، ولذا فإننا سنكون نماذج وأمثلة يقتدون بها ويقلدونها، حتى لو حاولنا منعهم عن ذلك. وفي هذه السن الحرجة فإن الأطفال سيكونون أشبه بأجهزة تسجيل دقيقة تضبط كل أقوالنا ومواقفنا ولذا فإننا سنكون نماذج سيئة إذا أسأنا التصرف قولا وعملا.
إن الحياة الزوجية التي يسودها الاضطراب والنزاع وعدم الاستقرار ستخلق أطفالا مضطربين ومهزوزين نفسيا، وفي هذه الحالة يتحمل الوالدان مسؤولية ما ينشأ عن ذلك من أضرار في بناء وتكوين شخصية أبنائهم.
آلام الاضطراب:
يعاني الأطفال الذين يترعرعون في محيط مضطرب آلاما عنيفة، فتختفي تلك النظرات البريئة والابتسامات المشرقة ليحل محلها إحساس بالحزن الممزوج بالخوف والقلق والدموع، ولهذا يرتفع صوت الأطفال بالبكاء كلما اشتعل النزاع بين الوالدين، إن حركاتهم هي بمثابة استغاثة للخلاص من الخطر المحدق بهم.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»