هبة السماء ، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام - علي الشيخ - الصفحة ١٨٦
الكثيرة، وأيضا منها الإخبار عن الحوادث المستقبلية، كالإخبار عن انتصار الروم بعد هزيمتهم كما في قوله تعالى * (غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بعض سنين) * (1).
والصفة الأخرى التي يتميز بها القرآن هي بلاغته وفصاحته التي تحدى بها الإنس والجن في أن يأتوا بسورة واحدة من سوره. مع أن عرب الجاهلية مشهورون بفصاحة لسانهم، وبلاغة حديثهم، بل لا نبالغ لو قلنا بأن ما بلغه عرب الجاهلية من الفصاحة والبلاغة وكمال البيان لم يذكره التاريخ لواحدة من الأمم السابقة لهم أو المتأخرة عنهم، ومع هذا فأنهم وقفوا متحيرين بما يصفون هذا الكلام الذي لم يسمعوا بأبلغ وأروع منه قط، وهذا ما أعترف به بعض فصحاء المشركين أنفسهم، فما كان منهم إلا أن رموه بالسحر، لسمو معانيه ، وعذوبة أسلوبه، وشدة تأثيره في نفوس الناس.
وقد مضى على هذا التحدي للقرآن من القرون ما يزيد على أربعة عشر قرنا ولم يجرء على معارضته أحد، ومن جرب حظه

(١) سورة الروم آية (١ - ٦) والقصة باختصار هي: ينقل التاريخ أن دولة الروم - وكانت دولة مسيحية - انهزمت أمام دولة الفرس وهي وثنية، بعد حروب طاحنة بينهما سنة ٦١٤ م. فاغتم المسلمون، وفرح المشركون وقالوا للمسلمين: سنغلبكم كما غلبت الفرس الروم - ولكن وكما وعد القرآن فإن الروم استطاعوا أن يهزموا الفرس في سنة 624 م. الموافقة للسنة الثانية للهجرة. الإلهيات ج 3 ص 415.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 183 184 185 186 187 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست