ومثل هذا الكلام لا يعني إلا شيئا واحدا وهو أن أصحاب المذاهب والاتجاهات الأخرى غير أهل السنة بين أمرين لا ثالث لهما:
الأول: أن يتنازلوا عن معتقداتهم وأفكارهم ويدينوا بمذهب أهل السنة..
الثاني: أن يكونوا في دائرة المبتدعة الضالين ويعاملوا على هذ الأساس في الحياة الدنيا من قبل أهل السنة فتفرض عليهم العزلة ويعاملوا كمواطنين من الدرجة الثانية ويتقبلوا ما سوف يلاقونه من اضطهاد واستحلال لأموالهم ودمائهم..
وإذا كان جميع المسلمين يقرون بما ذكر البغدادي فما هو المبرر لهذا التصنيف واتخاذ مثل هذا الموقف المتطرف من المخالفين..؟
وهل هناك من ينكر وحدانية الله ونبوة محمد (ص) ورسالته والشريعة التي جاء بها على لسان القرآن ويرفض الاعتراف بالكعبة قبلة للمسلمين..؟
وإذا كانت الإجابة بالنفي، فما هو مبرر هذا الكلام. وما هو ضرورته؟
إن القضية باختصار هي أن الإقرار بمثل هذه الأمور لا يكفي وحده للحكم بصحة إسلام الفرد في نظر أهل السنة. وإنما يجب مع ذلك الإقرار أن يتبنى عقائدهم ورواياتهم..
عقائدهم التي تنص على موالاة الحكام ووجوب السمع والطاعة لهم وإن كانوا فسقة وفجارا، ووجوب الصلاة والحج والجهاد معهم.
وتنص على عدالة جميع الصحابة وأن كل من رأى الرسول (ص) ولو ساعة أو ولد في حياته أو سلم عليه فهو صحابي عدل يجب أن تضفي عليه القداسة..
وتنص على أن الله سبحانه له يد ورجل وعين ويهبط ويصعد ويضحك ويفرح وأن جميع الصفات الواردة له سبحانه في القرآن هي حقيقة لا مجاز.. (1) أما رواياتهم فهي سبب شقاء الأمة وفرقتها..
وهي التي شوهت صورة الإسلام..
وهي التي منحت الفقهاء الحق في ضرب المخالفين وتصفيتهم..
وهي التي قامت على أساسها تلك العقائد الباطلة من وجوب طاعة الحكام والاستسلام لهم وإن كانوا فجارا وتحريم الخروج عليهم..