عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٥٧
وفترة حكم الإمام علي جاءت بغير ترتيب، فهي فرضت عليه في ظل ظروف وأوضاع مهزوزة سياسيا وغير مستقرة اجتماعيا ومتقلبة اقتصاديا، فهو لم يختر لكونه إماما وإنما اختير لكونه حاكما.
لقد أرادت الأمة من الإمام علي أن يكون حاكما لا أن يكون إماما منصوصا عليه، ومن هنا كثر الخلاف عليه. وقد كانت الموروثات الفكرية والقبلية التي خلفها عصر الخلفاء الثلاثة قبله تحول دون بروزه كإمام.
ولو كانت الأمة قد تعاملت مع علي كإمام ما كان يمكن لها أن تعترف بمعاوية وتبرر جريمته بشق عصا الطاعة وتعتبره مجتهدا، كما بررت من قبل موقف عائشة التي تسبب خروجها في إراقة دماء آلاف المسلمين. وموقف الصحابة الذين رفضوا بيعته ثم هم بايعوا بعد ذلك معاوية وولده.
إن فترة حكم الإمام علي هي جزء من مهمته ودوره كإمام يقيم الحجة على الناس وهو مستمر في إقامة الحجة بعد وفاة الرسول. وليس الحكم إلا وسيلة لإظهار هذه الحجة وشيوعها وهو الأمر الذي افتقدت مقوماته في المدينة التي هيمنت عليها القبلية ودفع بالإمام إلى الانتقال إلى الكوفة لتكون مركزا لدعوته.
والإمام على رغم كون السلطة في يده فقد فتح حوارا مع عائشة وطلحة والزبير الذين خرجوا عليه في وقعة الجمل.
وفتح حوارا مع معاوية على الرغم من قناعته بأن الحوار معه لا يجدي وأنه ماض إلى تحقيق أطماعه على حساب الإسلام.
وفتح حوارا مع الخوارج وأرسل إليهم ابن عباس ليحاورهم رغم كونهم ليسوا أهل حوار ولا يفقهون سوى لغة واحدة هي لغة السيف والتمرد.
وإن مثل هذه الممارسات من قبل الإمام لهي تعد قمة العمل الديمقراطي في مواجهة أناس يشهرون في وجهه السيوف ويسعون لقتل الشورى.
فعائشة وحزبها خرجوا للدفاع عن مصالح قبلية متمثلة في عثمان.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست