عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٥٦
على ذلك النحو: استندوا على الديمقراطية ومبدأ الشورى في وقت كانت المرحلة لا تزال هي مرحلة الوصاية. أي القيادة الثورية.
لقد أدى ذلك إلى ضياع الديمقراطية نفسها. والقضاء على مبدأ الشورى نفسه. بينما لو تم العمل بمبدأ الوصاية والقيادة الثورية بعد وفاة النبي لكنا قد وصلنا إلى مرحلة الشورى والديمقراطية بعد ذلك.
هكذا حرم الناس بعد وفاة النبي من القيادة الثورية - الوصاية والإمامة - ومن القيادة الديمقراطية - البيعة والشورى - وأدى ذلك إلى أن تتجه الأمور خلاف ما استهدفه الإسلام. فالخلافة الإسلامية المستندة للبيعة تحولت إلى سلطنة عربية وراثية. والإمامة بعد قرنين ونصف من الجهاد والشهادة - انتهت للغيبة وتغيرت فلسفة التاريخ. وأصبحت فلسفة الانتظار (1).
إن فكرة الإمامة عند الشيعة لا تتناقض مع الشورى. فتعيين الإمام بالنص لا يعني الحجر على الشورى لأن الإمام لا يوحى إليه كما هو حال الرسول وهو لا يبلغ الأمة دينا جديدا وإنما يحافظ على الدين الذي ورثه من الرسول ويعبر عن صورته الحقيقية. هذه هي مهمته الأساسية التي لا ينازعه فيها أحد.
أما ما يتعلق بشؤون الناس وإدارة المجتمع فمجال الاجتهاد فيها مفتوح والشورى فيها واردة.
فليس هناك من ينكر أن الشورى كانت مطروحة في حياة الرسول المعصوم والرسول هو أعلى من الإمام.
وإذا كانت مهمة الإمام هي الحفاظ على الدين وإقامة الحجة على الناس بنصوصه، فإن من بين نصوصه ما يحض على الشورى.
فإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله قد طبق الشورى في حياته، فيجب على الإمام أن يطبق الشورى، إلا أن السياسة حالت دون أن يقوم الإمام بمهمته في واقع المسلمين.

(1) هكذا تكلم علي شريعتي. ط. بيروت.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست