عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٢١
وإجماع أهل الاجتهاد طريق أيضا إليه.. وليس في العقل ما يدل على ثبوت الإمامة لشخص معين. وكذلك ليس في الخبر ما يوجب العلم بثبوت إمام معين. واختلف فيما يكون به الإمام إماما وذلك على ثلاثة طرق أحدها: النص وقال به جماعة من أصحاب الحديث والحسن البصري والحنابلة وغيرهم.
وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على أبي بكر بالإشارة. وأبو بكر على عمر. فإذا نص المستخلف على واحد معين كما فعل أبو بكر أو على جماعة كما فعل عمر وهو الطريق الثاني. ويكون التخيير إليهم في تعيين واحد منهم كما فعل الصحابة في تعيين عثمان.
الطريق الثالث: إجماع أهل الحل والعقد. وذلك إن الجماعة في مصر من الأمصار إذا مات إمامهم، ولم يكن له إمام ولا استخلف، فأقام أهل ذلك المصر الذي هو حضره الإمام وموضعه إماما لأنفسهم اجتمعوا عليه ورضوه، فإن كل من خلفهم وأمامهم من المسلمين في الآفاق يلزمهم الدخول في طاعة ذلك الإمام، إذا لم يكن الإمام معلنا بالفسق والفساد لأنها محيطة بهم تجب إجابتها ولا يسع أحد التخلف عنها لما لإقامة إمامين من اختلاف الكلمة وفساد ذات البين.. فإن عقدها واحد من أهل الحل والعقد، فذلك ثابت ويلزم الغير فعله.. فإن تغلب من له أهلية الإمامة وأخذها بالقهر والغلبة فقد قيل إن ذلك يكون طريقا رابعا.. قال أبو المعالي: من انعقدت له الإمامة بعقد واحد فقد لزمت ولا يجوز خلعه من غير حدث وتغير أمر وهذا مجمع عليه..
وقال ابن خويز منداد: لو وثب على الأمر من يصلح له من غير مشورة ولا اختيار وبايع له الناس تمت له البيعة..
وقال القرطبي: إذا انعقدت الإمامة باتفاق أهل الحل والعقد أو بواحد وجب على الناس كافة مبايعته على السمع والطاعة.. (1).
ويقول الماوردي: وأما انعقاد الإمامة بعهد من قبله فهو مما انعقد الإجماع على جوازه ووقع الاتفاق على صحته لأمرين عمل المسلمون بهما ولم يتناكروهما:

(١) الجامع لأحكام القرآن: ج 1 / 185 وما بعدها. بتصرف ط. بيروت - دار الكتب العلمية.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست