ولا يمكن لعاقل أن يدعي أن مساواة معاوية بالإمام علي لا تعني مساسا بشخص الإمام، فهذه المساواة تعني توثيق معاوية، توثيق معاوية يعني إضعاف الثقة بالإمام علي والشك في شرعيته.
وهذا الموقف يتخذه أهل السنة من معاوية في الوقت الذي يعتبرون فيه الخارجين على عثمان والثائرين عليه من البغاة مع أن فيهم الصحابة (1).
- وظيفة الإمام:
يبدو لنا من خلال استعراض النقاط السابقة أن أهل السنة يقرون التعايش مع أي حاكم. ما دام يحمي بيضة الإسلام فهو إمام المسلمين..
سلوكه الشخصي ليس مهما..
ومستواه العلمي ليس مهما..
وصل إلى الحكم بالغصب أو بالوراثة ليس مهما..
فسلوكه الشخصي أمر يتعلق به وليس الإمامة، وقد سئل ابن حنبل: الإمام الفاجر القوي أفضل أم الإمام التقي الضعيف؟ فأجاب: الفاجر القوي، لأن فجوره على نفسه وليس على الرعية، أما الآخر فتقواه لنفسه وضعفه على الرعية.
وقد نسي ابن حنبل أن الإمام الفاجر لا بد أن ينعكس فجوره على الرعية.
أما مستواه العلمي فأكثر أهل السنة على اشتراط العلم، والاجتهاد في الإمام نظريا فقط، وموقفهم عمليا إنما هو موقف مساير لحكام زمانهم من الأمويين والعباسيين وغيرهم الذين لم يكن لديهم وقت للعلم وفهم أحكام الدين. فهي مسألة لا تعنيهم من الأصل ما دامت السلطة التنفيذية والسياسية في أيديهم والسلطة الدينية في يد الفقهاء التابعين لهم فما حاجتهم للعلم إذن؟
والفقهاء بهذا التصور إنما يؤكدون فكرة فصل الدين عن الدولة وإيجاد سلطة دينية وسلطة سياسية تتناقض كل منهما مع الأخرى.