دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٣٠٧
الأول: أن يكون له برهان شرعي تجاه هذه الغزوات..
الثاني: أن يكون جبانا لا يقوى على القتال..
ونحن نرجح الأمرين معا..
يروى أن رسول الله (ص) رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه.
وقال: " يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ". فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله. خذ خاتمك فانتفع به. قال: لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله (1)..
قال الفقهاء: قوله فنزعه فطرحه. وهذا أبلغ في باب الانكار. ولذا قدمه (ص) في قوله: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ". وقال النووي: فيه إزالة المنكر باليد لمن قدر عليها. وقيل: نزع الخاتم من يده وطرحه دليل على غضب عظيم وتهديد شديد وفيه أن النهي للتحريم المتوعد عليه بالنار وقول صاحبه لا آخذه مبالغة في اجتناب النهي إذ لو أخذه لجاز ولكن تركه تورعا لمن يأخذه من الضعفاء لأنه نهاه عن لبسه خاصة لا عن التصرف فيه بغير اللبس (2)..
إن الفقهاء لم يتطرقوا إلى هذا السلوك الذي بدر من الرسول (ص) وكونه لا يتلاءم مع خلقه العظيم فهو لا يخرج عن كونه تصرف شائن ومعالجة متطرفة لسلوك فرد لا يصطدم بجوهر الدين. وهو يتناقض مع دعوة الرسول إلى الرفق واللين والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة التي نص عليها القرآن... وكل ما يعني الفقهاء هو تبرير هذا السلوك ثم استنباط أحكام تشريعية منه. دون إعمال العقل في الرواية والعمل على مطابقتها بالقرآن...
ومثل هذا التبرير هو الذي خلق التيارات المتطرفة في تاريخ المسلمين وعلى رأسها تيار الحنابلة الذي يتعبد بالروايات ويقدمها على القرآن وعلى العقل حتى ولو كانت ضعيفة ومشكوك في صحتها سندا..
.

(1) مسلم. كتاب اللباس والزينة..
(2) مسلم. هامش باب في طرح خاتم الذهب. كتاب اللباس والزينة
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست