دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٢٧٣
يعصمك من الناس) وهذا هو المطلوب عقلا وشرعا. إلا أنهم سرعان ما تراجعوا عن الاستناد على النص القرآني ومالوا إلى الرواية التي تقول: الآن قطعت أبهري.
وعارضوا بها النص القرآني. ومعنى هذا الكلام الخطير هو رد النص القرآني من أجل رواية. وبدلا من أن يحكموا بعصمة الرسول وبطلان الرواية حكموا بصحتها على حساب القرآن والرسول..
أما رواية تعذيب الميت ببكاء أهله التي رواها عمر ورواها عنه ولد عبد الله فهي رواية تناقضها روايات أخرى كثيرة يتداولها القوم..
يروى أن عائشة قالت: والله ما حدث رسول الله (ص) إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه. ولكن رسول الله قال: " إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه ". وقالت: حسبكم القرآن (ولا تزر وازرة وزر أخرى) (1).
ويروى أن الرسول (ص) بكى لصبي مات. فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: " هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء " (2)..
ويروى أن رسول الله (ص) زار سعد بن عبادة في مرضه وبكى. فلما رأى القوم بكاء الرسول بكوا. فقال: " ألا تسمعون. إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم " (3)..
قال الفقهاء تعليقا على سكوت ابن عمر عن نفي عائشة لروايتهما: سكوته لا يدل على الاذعان فلعله كره المجادلة. وقال القرطبي: ليس سكوته لشك طرأ بعد ما طرح برفع الحديث ولكن احتمل عنده أن يكون الحديث قابلا للتأويل ولم يتعين له محمل يحمله عليه إذ ذاك. أو كان المجلس لا يقبل المماراة ولم تتعين الحاجة حينئذ. وقال الخطابي: الرواية إذا ثبتت لم يكن في دفعها سبيل بالظن وقد رواه عمر وابنه. وليس فيما حكت عائشة ما يرفع روايتهما لجواز أن يكون الخبران

(1) مسلم والبخاري كتاب الجنائز..
(2) مسلم. باب البكاء على الميت. كتاب الجنائز..
(3) المرجع السابق..
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 277 279 280 ... » »»
الفهرست