قال ابن حجر: فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو في المصحف الآن كان في عهد النبي (ص) (1)..
وهذا التصريح من ابن حجر أمام تلك الرواية الصريحة التي ذكرناها إنما هو تصريح تشوبه الحيرة والخلل. فالرواية تدل على أن ترتيب القرآن كان موضع اهتمام الصحابة وهذا الاهتمام ينبع من اهتمام الرسول بلا شك ولا يعقل أن يكون هناك ترتيب ولا يكون هناك جمع . إلا أن ابن حجر أراد أن يطوق الرواية باعترافه أن الترتيب كان موجودا على عهد الرسول على ما هو في المصحف الحالي أي مصحف عثمان. أي أنه اعترف بالترتيب ولم يعترف بالجمع بل ربط الجمع بعثمان وكأنه بهذا يشير إلى أن ما فعله عثمان بالمصاحف هو عمل مشروع وأن مصحفه هو مصحف الرسول فهو قد جمعه على ترتيب الرسول..
وهذا كلام مردود بالروايات والوقائع..
فعثمان ليس من كتبه الوحي وحين تصدى لأمر القرآن تصدى له عن طريق السلطة أي لم يكن هذا الموقف موجودا ويتبناه قبل أن يتولى الحكم كما أن هذا الموقف لم يكن محل إجماع الصحابة..
يروى أن عثمان أرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث ابن هشام فنسخوها في المصاحف.. حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. وقال زيد بن ثابت: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله (ص) يقرأ بها. فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة ابن ثابت الأنصاري (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) فألحقناها في سورتها في المصحف (2)..