دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٢٠٧
وقال مالك: إن الله في السماء وعلمه في كل مكان (1)..
وقال ابن المبارك: نعرف ربنا فوق سبع سماواته على العرش بائنا من خلقه لا نقول كما قالت الجهمية إنه ها هنا. وأشار إلى الأرض (2)..
وقال إسحاق: لا نزيل صفة مما وصف الله بها نفسه أو وصفه بها الرسول عن جهتها لا بكلام ولا بإرادة. إنما يلزم المسلم الأداء ويوقن بقلبه أن ما وصف الله به نفسه في القرآن إنما هي صفاته (3)..
ويروى عن مالك والأوزاعي وسفيان والليث وأحمد بن حنبل أنهم قالوا في روايات الصفات: أمروها كما جاءت (4)..
ومما سبق يتبين لنا أن الفقهاء تبنوا روايات الصفات على حقيقتها ورفضوا فكرة التأويل وحملها على وجه المجاز وأنكروا ذلك على من قال به بل رموه بالزيغ والضلال والكفر في بعض الحالات كما هو واضح من كلام ابن حنبل وأبي حنيفة..
ويبدو أن التشدد في مسألة الروايات الخاصة بالصفات والتعصب لها يأتي من جانب الحنابلة الذين يؤمنون بالمأثور ويرفضون الأخذ بالرأي وهو الاتجاه الذي ساد في أواخر العصر العباسي ثم حل محله اتجاه الأشاعرة الذي تبنته دولة السلاجقة ودولة الأيوبيين ثم دولة المماليك. فمن ثم فعندما يطلق لفظ أهل السنة فإنما يشمل الحنابلة أولا ثم الأشاعرة ثانيا..
ولقد أسرف الحنابلة في التمسك بالروايات وتبني فكرة التجسيم ولم يرحموا خصومهم من التيارات الأخرى مثل الشيعة والمعتزلة والجهمية وحتى الأشاعرة الذين يعتبروا من طينتهم. فكل أولئك اتهموا بالزيغ والضلال واعتبروا من أهل البدع الذين يجب مجانبتهم واستئصالهم (5).

(١) المرجع السابق..
(٢) المرجع السابق..
(٣) المرجع السابق..
(٤) المرجع السابق..
(٥) أنظر كتاب دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه لابن الجوزي ط القاهرة الذي انشق على الحنابلة وأعلن رفضه لعقيدتهم في صفات الله وقولهم بالتجسيم وتعلقهم بالروايات محل شك من ناحية السند..
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست