ويروى عنه أيضا قوله: " والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين نزلت. ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن نزلت " (1)..
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا لم يستعن أبو بكر بعبد الله بن مسعود وهل كان أبو بكر وعمر لا يعرفان أمر الرسول بأخذ القرآن من هؤلاء الأربعة..؟
الملاحظة الثانية: إذا كان القراء يموتون في حرب اليمامة. فهل الحفاظ وكتبة الوحي ماتوا أيضا..؟
والإجابة تتضح من خلال الروايات السابقة أن حرب اليمامة لم يكن بها أحد من كتاب الوحي أو حفظة القرآن. وإنما كان بها سالم مولى أبي حذيفة وهو الوحيد الذي قتل فيها وكان قتله هو الذي دفع بعمر إلى إقناع أبي بكر بإصدار هذا القرار (2)..
الملاحظة الثالثة: أن أمر الجمع لو كان مصيريا كما يصور عمر ما رفضه أبو بكر بداية وجادله فيه. وما جادلهم فيه زيد أيضا حين أوكلوا له مهمة الجمع..
ومثل هذه الشبهة هي التي دفعت ببعض الفقهاء إلى القول بأن ما فعله أبو بكر هذا هو من باب الاجتهاد في أمر تركه الرسول فهو لا يدل على وجوب ولا تحريم (3)..
قال الباقلاني: كان الذي فعله أبو بكر من ذلك فرض كفاية بدلالة قوله (ص): " لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن ". مع قوله تعالى (إن علينا جمعه وقرآنه) قوله (إن هذا لفي الصحف الأولى) وقوله (رسول من الله يتلو صحفا مطهرة) فكل أمر رجع لإحصائه وحفظه فهو واجب على الكفاية وكل ذلك من النصيحة لله ورسوله وكتابه وأئمة المسلمين وعامتهم. وقد فهم عمر أن ترك النبي جمعه لا دلالة فيه على المنع ورجع إليه أبو بكر لما رأى وجه الإصابة في ذلك وأنه ليس