منه (1)، وقال صاحب الميزان: والظاهر. أن المراد بهذا الشاهد بعض من أيقن بحقية القرآن وكان على بصيرة إلهية من أمره. فآمن به عن بصيرة وشهد بأنه حق منزل من عند الله تعالى. كما يشهد بالتوحيد والرسالة. فإن شهادة الموقن البصير على أمر تدفع عن الإنسان مرية الاستيحاش وريب التفرد، فإن الإنسان إذا أذعن بأمر وتفرد فيه. ربما أوحش التفرد فيه إذا لم يؤيده أحد في القول به. أما إذا قال به غيره من الناس وأيد نظره في ذلك. زالت عنه الوحشة وقوى قلبه وارتبط جأشه.
وقد احتج تعالى بما يماثل هذا المعنى في قوله * (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم) * (2). وعلى هذا فقوله * (يتلوه) * من التلو لا من التلاوة.
والضمير فيه راجع إلى " من " أو إلى " بينة " باعتبار أنه نور أو دليل.
ومآل الوجهين واحد. فإن الشاهد الذي يلي صاحب البينة يلي بينته كما يلي نفسه. والضمير في قوله " منه " راجع إلى " من " دون قوله " ربه " وعدم رجوعه إلى البينة ظاهر. ومحصل المعنى: من كان على بصيرة إلهية من أمر. ولحق به من هو من نفسه. فشهد على صحة أمره واستقامته.
وعلى هذا الوجه ينطبق ما ورد في الروايات أن المراد بالشاهد.
علي بن أبي طالب، إن أريد به أنه المراد بحسب انطباق المورد لا بمعنى الإرادة الاستعمالية. وقوله تعالى: * (ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة) * راجع. إلى الموصول أو إلى البينة على حد ما ذكرناه في ضمير " يتلوه " والجملة حال بعد حال، أي أفمن كان على بصيرة إلهية ينكشف له بها أن القرآن حق منزل من عند الله، والحال أن معه شاهد