الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتناء تأويله. وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب) * (1) قال المفسرون: (فأما الذين في قلوبهم زيغ) أي ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل " فيتبعون ما تشابه منه " أي إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة.
وينزلوه عليها لاحتمال لفظه لما يصرفونه، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه. لأنه دافع لهم وحجة عليهم، ولهذا قال تعالى: * (ابتغاء الفتنة) * أي الاضلال لأتباعهم إيهاما لهم أنهم يحتجون على بدعتهم القرآن. وهو حجة عليهم لا لهم، وقوله تعالى " وابتغاء تأويله " أي تحريفه على ما يريدون.
لأن تيار الذين في قلوبهم زيغ والذين في قلوبهم مرض يتلبس بالدين ويجلس في خيام القافلة، أقام الله الحجة بالكتاب وبالعترة التي لا يضرها من عاداها أو من خذلها أو من خالفها لأنها شعاع يهدي والله تعالى ينظر إلى عباده كيف يعملون، وتطهير أهل البيت والشهادة لهم بالعلم والعمل، والتحذير من مخالفتهم. وغير ذلك. وردت فيه أحاديث صحيحة، سنقدمها ونقابلها بما في منزلة هارون من موسى عليهما السلام.
أولا - " مقام التطهير ":
قال تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (2) قال ابن عباس: " يذهب عنكم الرجس " أي عمل