المفسدين) * (1) قال ابن كثير: استخلف موسى على بني إسرائيل أخاه هارون. ووصاه بالإصلاح وعدم الافساد، وهذا تنبيه وتذكير وإلا فهارون عليه السلام نبي شريف كريم على الله له وجاهه وجلاله صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء (2)، والاستخلاف لا يكون إلا في غيبة، وكانت غيبة موسى عن بني إسرائيل حين كان يفارقهم للميقات، وقوله لأخيه " ولا تتبع سبيل المفسدين ". فيه أنه كان في قومه يومئذ جمع من المفسدين يفسدون ويقلبون عليه الأمور، ويتربصون به الدوائر، فنهى موسى أخاه أن يتبع سبيلهم فيشوشوا عليه الأمر. ويكيدوا ويمكروا به. فيتفرق جمع بني إسرائيل ويتشتت شملهم. بعد تلك المحن التي كابد هارون في إحياء كلمة الاتحاد بينهم.
وبالجملة: كان هارون عليه السلام وزيرا لموسى عليه السلام.
وكان يساعده في تبليغ الدين أو شئ من أجزائه، وكان يخلف موسى عليه السلام في غيبته. ويحافظ على سبيل موسى عليه السلام من الذين يتربصون به، ليكون السبيل حجة على بني إسرائيل وهم تحت سقف الامتحان والابتلاء، ويكون شاهدا على المفسدين على امتداد المسيرة كي يتبين الباحث عن الحقيقة خطأهم، وسبيل الأنبياء فقد ذرأ الله ذرية آدم. لا يضره من خالفه أو من خذله أو من عاداه.
أما فيما يتعلق بأبناء هارون عليه السلام، فلقد ذكرت التوراة الحاضرة، أن الله تعالى اصطفى أبناء هارون من بعده ليفسروا الشريعة لبني إسرائيل، وعلى امتداد المسيرة الإسرائيلية بعث منهم الأنبياء والربانيين، وآخر الأنبياء الذين بعثوا من ذرية هارون. كان المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام، ولقد بينا ذلك فيما سبق، ولقد قلب بنو