الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٨٨
الله يعمل في الإنسان، بطريقة خفية لخلاص البشر، وجب على المرء أن يصغي لكل إنسان، حتى يقبل من بين الجميع، ذلك الذي يكلمنا به الله... " يذهب رجل ليصطاد بشبكة، فيمسك فيها سمكا كثيرا، والردئ منه يطرحه! ذهب رجل ليزرع، وإنما الحبة التي تقع على أرض صالحة هي التي تحمل بذورا! فهكذا يجب عليكم أن تفعلوا مصغين إلى الجميع، وقابلين الحق فقط، لأن الحق وحده يحمل ثمرا للحياة الأبدية!..
... متى أراد الحس الحصول على شئ أو الحرص عليه، يجب أن يقول العقل لا بد من نهاية لهذا الشئ، ومن المؤكد أنه إذا كان له نهاية، فمن الجنون أن يحب، لذلك وجب على الإنسان أن يحب ويحفظ ما لا نهاية له، فليتحول بخل الإنسان إذا إلى صدقة موزعا بالعدل ما قاله بالظلم، وليكن على انتباه حتى لا تعرف اليد اليسرى ما تفعله اليد اليمنى، لأن المرائين إذا تصدقوا يحبون أن ينظرهم ويمدحهم العالم، ولكن الحق أنهم مغرورون، لأن من يشتغل بالإنسان فمنه يأخذ أجره، فإذا نال إنسان شيئا من الله، وجب عليه أن يخدم الله، وتوخوا متى تصدقتم أن تحسبوا أنكم تعطون الله كل شئ حبا في الله، فلا تبطئوا في العطاء، وأعطوا خير ما عندكم، حبا في الله.
قولوا لي! أتريدون أن تنالوا شيئا رديئا من الله؟ لا البتة! أيها التراب والرماد! فكيف يكون عندكم إيمان إذا أعطيتم شيئا رديئا حبا في الله؟
ألا تعطوا شيئا خيرا من أن تعطوا شيئا رديئا، لأن لكم في عدم العطاء شيئا من المعذرة في عرف العالم، ولكن ما تكون معذرتكم في إعطاء شئ لا قيمة له وإبقاء الأفضل لأنفسكم؟...
يجب على الإنسان ما دام في حال الخطيئة أن يتوب ويجاهد نفسه، فكما أن الحياة البشرية تخطئ على الدوام، وجب عليها أن تقوم بجهاد النفس على الدوام، إلا إذا كنتم تحسبون أحذيتكم أكرم من نفسكم، لأنه كلما انفتق حذاؤكم أصلحتموه (1) "!

(1) راجع ص 186 - 192 من إنجيل برنابا.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»