الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٨٣
هي عشق غير مكبوح الجماع، إذا لم يرشده العقل تجاوز حدود البصيرة والعواطف، حتى أن الإنسان لما لم يكن يعرف نفسه، أحب ما يجب عليه بغضه، صدقوني متى أحب الإنسان شيئا، لا من حيث أن الله أعطاه هذا الشئ، فهو زان، لأنه جعل النفس متحدة بالمخلوق، وهي التي يجب أن تبقى متحدة بالله خالقها. ولهذا قال الله نادبا على لسان أشعيا النبي " إنك قد زنيت بعشاق كثيرين، ولكن ارجعي إلي أقبلك "، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته، لو لم تكن في قلب الإنسان شهوة داخلية، لما سقط في الخارجية، لأنه إذا اقتلع الجذور ماتت الشجرة سريعا، فليقنع الرجل إذا بالمرأة التي أعطاه إياها خالقه، ولينس كل امرأة أخرى "!
أجاب أندرواس " كيف ينسى الإنسان النساء، إذا عاش في المدينة حيث يوجد كثيرات منهن فيها؟ "، أجاب يسوع " يا أندرواس! حقا إن السكنى في المدينة تضر، لأن المدينة كالإسفنجة تمتص كل إثم! يجب على الإنسان أن يعيش في المدينة كما يعيش الجندي إذا كان حوله أعداء يحيطون الحصن، دافعا عن نفسه كل هجوم، خائفا على الدوام خيانة الأهلين، أقول هكذا يجب عليه أن يدفع كل إغراء خارجي من الخطيئة وأن يخشى الحس، لأن له شغفا مفرطا بالأشياء الدنسة، ولكن كيف يدافع عن نفسه إذا لم يكبح جماح العين التي هي أصل كل خطيئة جسدية؟! لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته، إن من ليست له عينان جسديتان يأمن من العقاب، إلا ما كان في الدركة الثالثة، على أن من له عينان يحل به القصاص، حتى الدركة السابعة.
حدث في زمن إيليا النبي، أن إيليا رأى رجلا ضريرا حسن السيرة يبكي، فسأله قائلا لماذا تبكي أيها الأخ! أجاب الضرير " ألا فقل لي أرؤية نبي الله الذي يقيم الموتى وينزل نارا من السماء خطيئة؟ "، أجاب إيليا " إنك لا تقول الصدق، لأن إيليا لا يقدر أن يأتي شيئا مما قلت على الإطلاق ، فإنه رجل نظيرك، لأن أهل العالم بأسرهم لا يقدرون أن يخلقوا ذبابة واحدة "، فقال الضرير " إنك تقول هذا أيها الرجل، لأنه لا بد أن يكون قد وبخك إيليا على
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»