على مقربة من البر، بحيث يمكن سماع صوت يسوع، فاقتربوا جميعا من البحر وجلسوا ينتظرون كلمته، ففتح حينئذ فاه وقال " ها هو ذا قد خرج الزارع ليزرع، فبينما كان يزرع سقط بعض البذور على الطريق فداسته أقدام الناس وأكلته الطيور، وسقط بعض على الحجارة، فلما نبت أحرقته الشمس، إذ لم يكن فيه رطوبة وسقط بعض على السياج، فلما طلع الشوك، خنق البذور، وسقط بعض على الأرض الجيدة فأثمر ثلاثين وستين ومائة ضعف... " وهكذا كلم يسوع الجمع في ذلك اليوم بالأمثال، وبعد أن صرفهم، ذهب مع تلاميذه إلى نايين حيث أقام ابن الأرملة الذي قبله وأمه إلى بيته وخدمه، فاقترب تلاميذ يسوع منه وسألوه قائلين " يا معلم! قل لنا معنى الأمثال التي كلمت بها الشعب "، أجاب يسوع " اقتربت ساعة الصلاة، فمتى انتهت صلاة المساء، أفيدكم معنى الأمثال "، فلما انتهت الصلاة، اقترب التلاميذ من يسوع، فقال لهم " إن الرجل الذي يزرع البذور على الطريق أو على الحجارة أو على الشوك أو على الأرض الجيدة، هو من يعلم كلمة الله التي تسقط على عدد غفير من الناس! تقع على الطريق، متى جاءت إلى آذان البحارة والتجار الذين أزال الشيطان كلمة الله من ذاكرتهم بسبب الأسفار الشاسعة التي يزمعونها وتعدد الأمم التي يتجرون معها، وتقع على الحجارة، متى جاءت إلى رجال آذان رجال البلاط، لأنه بسبب شغفهم بخدمة شخص حاكم، لا تنفذ إليهم كلمة الله، على أنهم وإن كان لهم شئ من تذكرها، فحالما تصيبهم شدة، تخرج كلمة الله من ذاكرتهم، لأنهم وهم لم يخدموا الله، لا يقدرون أن يرجوا معونة من الله! وتقع على الشوك متى جاءت إلى آذان الذين يحبون حياتهم، لأنهم - وإن نمت كلمة الله فيهم - إذا نمت الأهواء الجسدية، خنقت البذور الجيدة من كلمة الله، لأن رغد العيش الجسدي يبعث على هجران كلمة الله! أما الذي يقع على الأرض الجيدة، فهو ما جاء من كلمة الله إلى أذني من يخاف الله حيث تثمر الحياة الأبدية، الحق أقول لكم إن كلمة الله تثمر في كل حال، متى خاف الإنسان الله! أما ما يختص بأبي الأسرة، فالحق أقول لكم إنه الله ربنا رب كل الأشياء، لأنه خلق الأشياء
(٧٤)