الله تعالى، فقد ضاد الله عز وجل، ومن خاصم في باطل، وهو يعلم، لم يزل في سخط الله تعالى حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخيال (1) حتى يخرج مما قال، ومن أعان على خصومة بظلم، فقد باء يغضب من الله تعالى "!
ولقد أراد نبينا الكريم، تعليم أمته كيف يكون القضاء، وكيف يتحرون فيه العدل، باتباع كتاب الله وسنة رسوله، وتطبيق المبادئ الكلية على الجزئيات القضائية، وترك للفقهاء مادة غنية خصبة، استطاعوا منها التأويل والتخريج، وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض القضايا، وأراد أن يعرفنا أن القاضي إنما يقضي حسب ما يظهر له من الوقائع ومن البينات عليها، فمن كان من الخصمين أفطن وألحن بحجته وأقوم بها منه، وقضى له على حسبان أن ما قاله صحيح، فإنما القضاء له قطعة من النار، فليحملها أو ليذرها!.
وعلمنا الرسول الكريم، آداب القضاء في المساواة بين الخصمين، وأن يتحرى القاضي الحكم في الوقت الذي تصفو فيه نفسه من الغضب وما أشبه، أما عن الدعاوى والبينات، فقد علمنا نبينا الكريم أن على المدعى أن يثبت دعواه وعلى المدعى عليه أن يحلف اليمين ببراءة ذمته من المدعى عليه به!
وبين لنا النبي الكريم صفات الشاهد العدل، فعن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم " لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا زان ولا زانية، ولا ذي غمر على أخيه "، وللترمذي عن عائشة بعد قوله خائنة " ولا مجلود حدا، ولا مجرب شهادة، ولا القانع (مثل الوكيل والأجير) لأهل البيت، ولا ظنين في ولاء ولا قرابة " (2)!
وسن نبينا الكريم سنة الحبس الاحتياطي، فعن بهز بن حكيم عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس رجلا فيه تهمة، ثم خلى سبيله " (3).