الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٢٦٣
كنث معه صلى الله عليه وآله، لما أتاه الملأ من قريش، فقالوا له يا محمد!
إنك قد ادعيت عظيما، لم يدعه آباؤك ولا أحد من بيتك، ونحن نسألك أمرا إن أجبتنا إليه وأريتناه علمنا أنك نبي ورسول، وإن لم تفعل، علمنا أنك ساحر كذاب! فقال صلى الله عليه وآله " وما تسألون؟ " قالوا تدعوا لنا هذه الشجرة، حتى تنقلع بعروقها، وتقف بين يديك! فقال صلى الله عليه وآله " إن الله على كل شئ قدير، فإن فعل لكم ذلك! أتؤمنون وتشهدون بالحق "؟
قالوا نعم، قال " فإني سأريكم ما تطلبون، وإني لأعلم أنكم لا تفيئون (1) إلى خير، وإن فيكم من يطرح في القليب (2) ومن يحزب الأحزاب (3) "، ثم قال صلى الله عليه وآله " يا أيتها الشجرة، إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر، فتعلمين أني رسول الله، فانقلعي بعروقك، حتى تقفي بين يدي، بإذن الله "!
والذي بعثه بالحق، لانقلعت بعروقها، وجاءت ولها دوي شديد وقصف كقصف أجنحة الطير، حتى وقفت بين يدي رسول الله، صلى الله عليه وآله مرفرفة، وألقت بغضها الأعلى على رسول الله صلى الله عليه وآله، وببعض أغصانها على منكبي، وكنت عن يمينه، صلى الله عليه وآله، فلما نظر القوم إلى ذلك، قالوا علوا واستكبارا " فمرها، فليأتك نصفها، ويبقى نصفها "! فأمرها بذلك، فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشده دويا، فكادت تلتف برسول الله صلى الله عليه وآله، فقالوا كفرا وعتوا " فمر هذا النصف، فليرجع الله نصفه كما كان "! فأمره صلى الله عليه وآله، فقلت أنا " لا إله إلا الله، فإني أول مؤمن بك يا رسول الله، وأول من أقر بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى، تصديقا بنبوتك وإجلالا لكلمتك "، فقال القوم كلهم " بل ساحر كذاب، عجيب السحر، خفيف فيه، وهل يصدقك في أمرك إلا مثل هذا (يعنوني) (4) ".

(١) لا ترجعون.
(٢) القليب، كأمير: البئر، والمراد منه قليب بدر، طرح فيه نيف وعشرون من أكابر قريش.
(٣) والأحزاب متفرقة من القبائل اجتمعوا على ضربه صلى الله عليه وسلم في وقعة الخندق.
(٤) راجع ص ٤١٧ - ٤١٩ من نهج البلاغة ج ١.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»