الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٢٣٢
اختيارا، وبسطها لغيره احتقارا، فأعرض عنها بقلبه، وأمات ذكرها عن نفسه، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه، لكيلا يتخذ منها رياشا أو يرجو فيها مقاما، بلغ عن ربه معذرا، ونصح لأمته منذرا، ودعا إلى الجنة مبشرا (1) "!
" بعثه شهيدا وبشيرا ونذيرا، بالنور المضئ والبرهان الجلي والمنهاج البادي والكتاب الهادي، أسرته خير أسرة، وشجرته خير شجرة، أغصانها معتدلة، وثمارها متهدلة، مولده بمكة، وهجرته بطيبة (2) علا بها ذكره، وامتد بها صوته، أرسله بحجة كافية، وموعظة شافية، ودعوة متلافية، أظهر به الشرائع المجهولة، وقمع به البدع المدخولة، وبين به الأحكام المفصولة، فمن يتبع غير الإسلام دينا، تتحقق شقوته، وتنفصم عروته، وتعظم كبوته، ويكون مآبه إلى الحزن الطويل، والعذاب الوبيل (3) "!
" أرسله على حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الأمم، فجاءهم بتصديق الذي بين يديه، والنور المقتدى به، ذلك القرآن، فيه علم ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم، ونظم ما بينكم (4) "!
صلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، " اللهم أقسم له مقسما من عدلك، واجزه مضاعفات الخير من فضلك! اللهم أعل على بناء البانين بناءه، وأكرم لديك نزله، وشرف عندك منزلته، وآته الوسيلة، واعطه السناء والفضيلة، واحشرنا في زمرته، غير خزايا ولا نادمين، ولا ناكبين ولا ناكثين، ولا ضالين ولا مضلين، " فهو أمينك المأمون، وشهيدك يوم الدين، وبعيثك نعمة، ورسولك بالحق رحمة (5) "!

(١) راجع ص ٢٣٢ من نهج البلاغة ج ١.
(٢) المدينة المنورة.
(٣) راجع ص ٣١٥ و ٣١٦ من نهج البلاغة ج ١ (٤) راجع ص ٣٠٥ من نهج البلاغة ج ١ (٥) راجع ص ٢٢١ من نهج البلاغة ج ١
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»