أجاب يعقوب: " وكيف يعلمنا الأنبياء وهم أموات؟ وكيف يعلم من لا معرفة له بالأنبياء؟ "، فأجاب يسوع: " إن تعليمهم مدون، فتجب مطالعته لأن الكتابة بمثابة نبي لك، الحق الحق أقول لك، إن من يمتهن النبوة، لا يمتهن النبي فقط، بل يمتهن الله الذي أرسل النبي أيضا، أما ما يختص بالأمم الذين لا يعرفون النبي، فإني أقول لكم إنه إذا عاش في تلك الأقطار رجل يعيش كما يوحي إليه قلبه، غير فاعل للآخرين ما لا يود أن يناله من الآخرين، معطيا لقريبه ما يود أخذه من الآخرين، فلا تتخلى رحمة الله عن مثل هذا الرجل، فلذلك يظهر له الله ويمنحه برحمته شريعته عند الموت، إن من لم يكن قبل ذلك، ولعله يخطر في بالكم أن الله أعطى الشريعة حبا بالشريعة، حقا إن هذا لباطل، بل منح الله شريعته، ليفعل الإنسان حسنا، حبا في الله، فإذا وجد الله إنسانا يفعل حسنا حبا له، أفتظنون أنه يمتهنه؟ كلا ثم كلا! بل يحبه أكثر من الذين أعطاهم الشريعة... هكذا يحفظ إلهنا من لهب الجحيم من يفعلون برأ أينما كانوا! قولوا لي أسكن أيوب في غير أرض عوص بين عبدة الأصنام؟ وكيف يكتب موسى عن زمن الطوفان؟ قولوا لي؟ إنه يقول " إن نوحا وجد نعمة أمام الله "، كان لأبينا إبراهيم أب لا إيمان له، لأنه كان يصنع ويعبد الأصنام الباطلة، وسكن لوط بين شر ناس على الأرض، ولقد أخذ نبوخذنصر دانيال أسيرا وهو طفل مع حننيا وعزريا وميشائيل الذين لم يكن لهم سوى سنتين من العمر لما أسروا وربوا بين جمع من الخدم عبدة الأصنام، لعمر الله إن النار تحرق الأشياء اليابسة وتحولها نارا بدون تمييز بين الزيتون والسرو والنخل، هكذا يرحم إلهنا كل من يفعل برا غير مميز بين اليهودي والسكيثي واليوناني أو الإسماعيلي، ولكن لا يقف قلبك هناك يا يعقوب، لأنه حيث أرسل الله النبي، ترتب عليك حتما أن تنكر حكمك وتتبع النبي، لا أن تقول: " لماذا يقول هذه! لماذا يأمر وينهى؟ "، بل قل: " هكذا يريد الله، وهكذا يأمر الله "، ألا ماذا قال الله لموسى لما امتهن إسرائيل موسى؟ " إنهم لم يمتهنوك، ولكن امتهنوني أنا "، الحق أقول لكم إنه لا يجب على الإنسان أن يصرف زمن حياته في تعلم الكلام أو القراءة، بل في تعلم كيف يشتغل
(١٤٥)