الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ١٤٣
مشير ولا معونة معين، فتم خلقه بأمره وأذعن لطاعته فأجاب ولم يدفع، وانقاد ولم ينازع (1)!
" أمره قضاء وحكمة، ورضاه أمان ورحمة، يقضي بعلم ويعفو بحلم، اللهم لك الحمد على ما تأخذ وتعطي، وعلى ما تعافي وتبتلي، حمدا يكون أرضى الحمد لك، وأحب الحمد إليك، وأفضل الحمد عندك، حمدا يملأ ما خلقت ويبلغ ما أردت، حمدا لا يحجب عنك ولا يقصر دونك، حمدا لا ينقطع عدده ولا يفنى مدده، فلسنا نعلم كنه عظمتك، إلا أنا نعلم أنك حي قيوم، لا نأخذك سنة ولا نوم، ولم ينته إليك نظر ولم يدركك بصر، أدركت الأبصار، أحصيت الأعمار وأخذت بالنواصي والأقدام، وما الذي نرى من خلقك ونعجب له من قدرتك ونصفه من عظيم سلطانك، وما تغيب عنا منه، وقصرت أبصارنا عنه، وانتهت عقولنا دونه، وحالت ستور الغيوب بيننا وبينه أعظم، فمن فرغ قلبه وأعمل فكره، ليعلم كيف أقمت عرشك وذرات خلقك، وكيف علقت في الهواء سمواتك، وكيف مددت على مور الماء أرضك، رجع طرفه حسيرا.
وعقله مبهورا، وسمعه والها وفكره حائرا (2) "!
وبعد فسنتحدث في هذا الفصل عن حديث يسوع عن تعليم الأنبياء وهم أموات وتعريفهم بالله، وأن الله حاميهم رغم اضطهاد الناس لهم، وأنه هكذا يجب على الناس فعل الخير مع الجميع وأن يكونوا قديسين لأن ربهم قدوس وكاملين لأن ربهم كامل، ولذا يجب عليهم الإيمان به ومعرفته المعرفة الحق ومعرفة أن ليس له من شبيه، وأن الصلاة له تكون بالقلب قبل اللسان، وأنه إذا اغتسل الإنسان للصلاة، يجب عليه أن يعرف أن البحر كله لا يغسل من يحب الآثام بقلبه، وبذا يستحق الإنسان ربه، بأن يتضع اتضاعا حقيقيا ليكون جديرا بقربه! " تبارك اسم الله القدوس الذي خلق نور جميع القديسين والأنبياء (3) قبل كل شئ، ليرسله لخلاص العالم كله، كما تكلم بواسطة عبده

(١) راجع ص ٢٩٩ من نهج البلاغة ج ١ (٢) راجع ص ٣٠٩ و ٣١٠ من نهج البلاغة ج ١.
(3) سنرى أنه يريد بنور الأنبياء: محمد رسول الله.
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»