المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٢٥٧
لفظ المجمل والمطلق والعام في اصطلاح الأئمة (لفظ المجمل والمطلق والعام كان في اصطلاح الأئمة - كالشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وإسحاق، وغيرهم - سواء لا يريدون بالمجمل ما لا يفهم منه، كما فسره به بعض المتأخرين وأخطأ في ذلك، بل المجمل ما لا يكفي وحده في العمل به وإن كان ظاهره حقا؛ كما في قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} (1)؛ فهذه الآية ظاهرها ومعناها مفهوم، ليست مما لا يفهم المراد به؛ بل نفس ما دلت عليه لا يكفي وحده في العمل؛ فإن المأمور به صدقة تكون مطهرة مزكية لهم، وهذا إنما يعرف ببيان الرسول (، ولهذا قال أحمد: يحذر المتكلم في الفقه هذين «الأصلين»: المجمل والقياس. وقال: أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس. يريد بذلك أن لا يحكم بما يدل عليه العام والمطلق قبل النظر فيما يخصه ويقيده، ولا يعمل بالقياس قبل النظر في دلالة النصوص هل تدفعه، فإن أكثر خطأ الناس تمسكهم بما يظنونه من دلالة اللفظ والقياس؛ فالأمور الظنية لا يعمل بها حتى يبحث عن المعارض بحثا يطمئن القلب إليه، وإلا؛ أخطأ من لم يفعل ذلك، وهذا هو الواقع في المتمسكين بالظواهر والأقيسة، ولهذا جعل الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض عن تفسير النبي (ص) وأصحابه طريق أهل البدع، وله في ذلك مصنف كبير.
وكذلك التمسك بالأقيسة مع الإعراض عن النصوص والآثار طريق أهل البدع، ولهذا كان كل قول ابتدعه هؤلاء قولا فاسدا، وإنما الصواب من أقوالهم ما وافقوا فيه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان) (2)

(١) التوبة: ١٠٣.
(2) «مجموع الفتاوى» (7 / 391 - 392).
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»