المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ١٦٨
والبغضاء، بل يكونون مثل الأخوة المتعاونين على البر والتقوى؛ كما قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} (1).
وليس لأحد منهم أن يأخذ على أحد عهدا بموافقته على كل ما يريده وموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه، بل من فعل هذا كان من جنس جنكزخان وأمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقا والي ومن خالفهم عدوا باغي؛ بل عليهم وعلى أتباعهم عهد الله ورسوله بأن يطيعوا الله ورسوله، ويفعلوا ما أمر الله به ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله، ويرعوا حقوق المعلمين كما أمر الله ورسوله؛ فإن كان أستاذ أحد مظلوما نصره، وإن كان ظالما لم يعاونه على الظلم، بل يمنعه منه؛ كما ثبت في «الصحيح» عن النبي (ص) أنه قال: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما». قيل: يا رسول الله! أنصره مظلوما؛ فكيف أنصره ظالما؟! قال: «تمنعه من الظلم؛ فذلك نصرك إياه» (2).
وإذا وقع بين معلم ومعلم أو تلميذ وتلميذ أو معلم وتلميذ خصومة ومشاجرة لم يجز لأحد أن يعين أحدهما حتى يعلم الحق؛ فلا يعاونه بجهل ولا بهوى، بل ينظر في الأمر، فإذا تبين له الحق أعان المحق منهما على المبطل، سواء كان المحق من أصحابه أو أصحاب غيره، وسواء كان المبطل من أصحابه أو أصحاب غيره؛ فيكون المقصود عبادة الله وحده وطاعة رسوله واتباع الحق والقيام بالقسط، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»