المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ١٦٣
بالرحم دون هذه المؤاخاة والمحالفة.
وتنازع العلماء في مثل هذه المحالفة والمؤاخاة: هل يورث بها عند عدم الورثة من الأقارب والموالي؟ على قولين:
أحدهما: يورث بها، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد في إحدى الروايتين؛ لقوله تعالى: {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} (1).
والثاني: لا يورث بها بحال، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد في الرواية المشهورة عند أصحابه، وهؤلاء يقولون: هذه الآية منسوخة.
وكذلك تنازع الناس: هل يشرع في الإسلام أن يتآخى اثنان ويتحالفا كما فعل المهاجرون والأنصار؟
فقيل: إن ذلك منسوخ؛ لما رواه مسلم في «صحيحه» عن جابر: أن النبي (ص) قال: «لا حلف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهلية؛ فلم يزده الإسلام إلا شدة» (2)، ولأن الله قد جعل المؤمنين إخوة بنص القرآن، وقال النبي (ص): «المسلم أخو المسلم، لا يسلمه ولا يظلمه، والذي نفسي بيده؛ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه من الخير ما يحبه لنفسه» (3)، فمن كان قائما بواجب الإيمان كان أخا لكل مؤمن ووجب على كل مؤمن أن يقوم بحقوقه،

(١) النساء: ٣٣.
(٢) رواه مسلم في (فضائل الصحابة، باب مؤاخاة النبي (ص) بين أصحابه، رقم 2530) من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه.
(3) روى شطره الأول البخاري في (المظالم والغضب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، 2442)، ومسلم في (البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 2580) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
وروى شطره الثاني البخاري في (الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، 13)، ومسلم في (الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، 45) من حديث أنس رضي الله عنه.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»