المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ١٧٠
استغناء عن أمر المعلمين، وما قصد بهذا من شر؛ فقد حرمه الله ورسوله.
فليس لمعلم أن يحالف تلامذته على هذا، ولا لغير المعلم أن يأخذ أحدا من تلامذته لينسبوا إليه على الوجه البدعي: لا ابتداء ولا إفادة، وليس له أن يجحد حق الأول عليه، وليس للأول أن يمنع أحدا من إفادة التعلم من غيره، وليس للثاني أن يقول: شد لي وانتسب لي دون معلمك الأول، بل إن تعلم من اثنين فإنه يراعي حق كل منهما، ولا يتعصب لا للأول ولا للثاني، وإذا كان تعليم الأول له أكثر كانت رعايته لحقه أكثر.
وإذا اجتمعوا على طاعة الله ورسوله وتعاونوا على البر والتقوى لم يكن أحد مع أحد في كل شيء؛ بل يكون كل شخص مع كل شخص في طاعة الله ورسوله، ولا يكونون مع أحد في معصية الله ورسوله، بل يتعاونون على الصدق والعدل والإحسان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصر المظلوم وكل ما يحبه الله ورسوله، ولا يتعاونون لا على ظلم ولا عصبية جاهلية، ولا اتباع الهوى بدون هدى من الله، ولا تفرق ولا اختلاف، ولا شد وسط لشخص ليتابعه في كل شيء ولا يحالفه على غير ما أمر الله به ورسوله.
وحينئذ؛ فلا ينتقل أحد عن أحد إلى أحد، ولا ينتمي أحد لا لقيطا ولا ثقيلا ولا غير ذلك من أسماء الجاهلية؛ فإن هذه الأمور إنما ولدها كون الأستاذ يريد أن يوافقه تلميذه على ما يريد، فيوالي من يواليه، ويعادي من يعاديه مطلقا، وهذا حرام؛ ليس لأحد أن يأمر به أحدا ولا يجيب عليه أحدا، بل تجمعهم السنة وتفرقهم البدعة، يجمعهم فعل ما أمر الله به ورسوله وتفرق بينهم معصية الله ورسوله، حتى يصير الناس أهل طاعة الله أو أهل معصية الله؛ فلا تكون العبادة إلا لله عز وجل ولا الطاعة المطلقة إلا له سبحانه ولرسوله (.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»