وإن لم يجر بينهما عقد خاص؛ فإن الله ورسوله قد عقدا الأخوة بينهما بقوله: {إنما المؤمنون أخوة} (1)، وقال النبي (ص): «وددت أني قد رأيت إخواني» (2).
ومن لم يكن خارجا عن حقوق الإيمان وجب أن يعامل بموجب ذلك؛ فيحمد على حسناته ويوالي عليها، وينهى عن سيئاته ويجانب عليها بحسب الإمكان، وقد قال النبي (ص): «انصر أخاك ظالما أو مظلوما». قلت: يا رسول الله! أنصره مظلوما؛ فكيف أنصره ظالما؟ ! قال: «تمنعه من الظلم؛ فذلك نصرك إياه» (3).
والواجب على كل مسلم أن يكون حبه وبغضه وموالاته ومعاداته تابعا لأمر الله ورسوله؛ فيحب ما أحبه الله ورسوله، ويبغض ما أبغضه الله ورسوله، ويوالي من يوالي الله ورسوله، ويعادي من يعادي الله ورسوله، ومن كان فيه ما يوالى عليه من حسنات وما يعادى عليه من سيئات؛ عومل بموجب ذلك، كفساق أهل الملة؛ إذ هم مستحقون للثواب والعقاب والموالاة والمعاداة والحب والبغض بحسب ما فيهم من البر والفجور؛ فإن {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} (4).
وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، بخلاف الخوارج والمعتزلة، وبخلاف المرجئة والجهمية؛ فإن أولئك يميلون إلى جانب وهؤلاء إلى جانب، وأهل السنة والجماعة وسط، ومن الناس من يقول: تشرع تلك المؤاخاة والمحالفة،