علم ذلك وتيقنه. انتهى، فهل ثبت بهذا النقل الفصيح أن النبي صلى الله عليه وسلم وسائر موتى المسلمين يدفعون الأذى بدعائهم وشفاعتهم خصوصا بسيد المرسلين لما تعرض عليه السيئات من أعمال أمته فيستغفر لهم فهل دفع الأذى عن أمته وهي السيئات التي هي أشد الأذى وأعظمه أم لا وهذا القول لا يخالف فيه أهل العلم من جميع المذاهب كما هو معلوم لمن يطلع على أقوال العلماء وأما الجاهل الغافل فإنه يقول من عقله فما قبله عقله قال به وما نفاه عقله نفاه أفرأيت من اتخذ إلهه هواه والحمد لله على ما أنعم به علينا وأولاه فتحصل مما ذكرنا أنه يحصل من بركاتهم وشفاعتهم ويفعل الله لأجلهم جلب خير أو دفع أذى لهم ولغيرهم ما يسببه الله تعالى بسببهم وهذا ظاهر وذكر المفسرون في قوله تعالى ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا أن المراد يدفع الله بالمسلم عن الكافر وبالمؤمن الطائع عن العاصي وقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن المولى يدفع الله بهم العذاب عن مجاورهم ولهذا يسن الدفن بين قوم صالحين كما هو مذكور في الأحاديث وكتب الفقه قال السيوطي في شرح الصدور أخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مات لأحدكم الميت فأحسنوا كفنه وعجلوا وصيته وأعمقوا له في قبره وجنبوه جار السوء قيل يا رسول الله وهل ينفع الجار الصالح في الآخرة وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن نافع المزني قال مات رجل في المدينة فدفن بها فرآه رجل كأنه من أهل النار فاغتم لذلك فرآه بعد سابعة أو ثامنة كأنه من أهل الجنة فسئله قال دفن معنا رجل من الصالحين فشفع في أربعين من جيرانه فكنت فيهم قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم وكذلك ما يذكر من الكرامات وخوارق العادات التي توجد عند قبور الأولياء والصالحين مثل نزول الأنوار والملائكة عندها وتوقى الشياطين عنها والبهائم لها واندفاع النار عنها وعمن يجاورها وشفاعة بعضهم وحصول الأنس والسكينة عندها ونزول العذاب بمن استهانها واستخف بها فجنس هذا حق ليس مما نحن فيه وفي قبور الأنبياء والصالحين من كرامات الله ورحمته وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما يتوهمه أكثر الخلق وكل هذا لا يقتضي استحباب الصلاة عندها أو قصد الدعاء والنسك ما في قصد العبادة عندها من المفاسد التي علمها الشارع كما تقدم فذكرت هذه الأمور لأنها مما
(١٨)