الرد على الآلوسي - داود النقشبندي الخالدي - الصفحة ١٤
لا تسمع الموتى وقوله تعالى وما أنت بسمع من في القبور فإن السماع يطلق ويراد به الكلام وفهمه ويراد أيضا الانتفاع والاستجابة والمراد بهذه الآيات نفي الثاني دون الأول فإنها من سياق خطاب الكفار الذين لا يستجيبون للهدى والإيمان إذا دعوا إليه مع أنهم أحياء لهم أسماع وأبصار وقال ابن القيم الأحاديث والآثار تدل على أن الزائر متى جاء علم به المزور وسمع كلامه وآنس به ورد عليه وهذا عام في حق الشهداء وغيرهم وأنه لا توقيت في ذلك قال وهو أصح من آثار الضحاك الدال على التوقيت قال وقد شرع صلى الله عليه وسلم لأمته أن يسلموا على أهل القبور سلام من يخاطبونه ممن يسمع ويعقل وما أجرى الله العادة قط إن أمة طبقت مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأمم عقولا و أوفرها معارف تطبق على مخاطبة من لا يسمع ولا يعقل وتستحسن ذلك وإلا كان بمنزلة الخطاب للتراب والخشب والحجر وللمعدوم وهذا وإن استحسنه واحد فالعقلاء كلهم قاطبة على استهجائه واستقباحه انتهى وهذا قاله ابن القيم بعد ذكر إجماع الأمة على مسألة التلقين ومسألة السلام على أهل القبور وأمره صلى الله عليه وسلم بمخاطبتهم أعظم في الدليل من سيد العقلاء إذ لا يتصور أن يأمر أمته بمخاطبة تراب لا يسمع ولا يعقل ولا يعرف فالذي ينفي السماع إنما هو طاعن على النبي صلى الله عليه وسلم وجميع أمته.
فإن قلت فقد نفت السماع عائشة رضي الله عنها وتبعها جماعة من أهل العلم قلت، إن عائشة أنكرت السماع وأثبتت العلم وكذلك من تبعها وقد قرر أساطين العلماء والعقل والنقل يدلان عليه أن العلم مستلزم للسماع ومع هذا فعائشة وحدها معذورة لعدم بلوغها النص منه صلى الله عليه وسلم قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية في الفتاوى وإنكار عائشة سماع الموتى لعدم ثبوت ذلك عندها وغيرها لا يكون معذورا مثلها لأن هذه المسألة صارت معلومة من الدين بالضرورة فلا يجوز لأحد إنكارها انتهى أي لأن أدلتها الصحيحة مستفيضة لا يجهلها إلا من لم يطلع على السنة النبوية ومثل هذا لا يعبأ ولا بمقاله لأن أحاديث السماع في الصحيحين وغيرها بلغت مبلغا لا تخفى على المخلوق فلا يكون المنكر معذورا وأما مسألة أهل القبور ورؤيتهم للأحياء فكذلك أحاديثها مستفيضة قال الحافظ السيوطي في كتابه شرح الصدور بحال الموتى وأهل القبور باب زيارة القبور وعلم
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 » »»