وترى هذا يزحف كالسلحفاة، وينطلق ذاك إلى المريخ، وبين طرفة عين وانتباهتها ترى الزاحف في الطليعة، والسابق جمادا لا يستطيع الحراك.
ومهما شككت فإني لا أشك أبدا أن الحكمة من ذلك أن لا ييأس الضعيف، فيذل ويخنع للقوي، وأن لا يطغى القوي فيتحكم بالضعفاء، وأن لا يحزن الفاقد، ولا يفرح الواجد، وأن يضع الجميع نصب أعينهم أن الغالب قد يصير مغلوبا، والمغلوب غالبا.. والتاريخ وحده يعطينا الدرس الصحيح، لا النظريات ولا الفلسفات (1).
وإليك هذا الدرس من الترايخ القريب: لقد استرجع الفتى البالغ من العمر 20) عاما ما كان لآبائه وأجداده، وهذا الفتى هو عبد العزيز اللاجئ وأبوه عبد الرحمن في الكويت، استرجع ملك الآباء والأجداد، ولكن لا بالمال، ولا بالجيوش، ولا بالانتخاب، ولا بتأليف الأحزاب وإعلان الشعارات المغرية، ولا بالإضراب والمظاهرات، ولا بتغير الزمن بسبب حرب عالمية، ولا بشئ من ذلك، بل بأسطورة، هذا موجزها.
كان عبد العزيز وأبوه عبد الرحمن لاجئين عند الشيخ مبارك أمير الكويت، وذات يوم جاء الفتى عبد العزيز إلى الشيخ مبارك، وقال له: أريد أن أنقذ نجدا من ابن رشيد، فهل تساعدني بالمال والعتاد؟.
وسخر الشيخ من الفتى، ولكنه لم يشأ أن يصدمه، فأعطاه مئتي