تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ٤٨
ولم تأذن له * والقصة على كل تقدير تشهد لأن زيارة الحاج كانت معهودة من ذلك الوقت وإلا فكان زياد يمكنه أن يحج من غير طريق المدينة بل هي أقرب إليه لأنه كان بالعراق والإتيان من العراق إلى مكة أقرب ولكن كان إتيان المدينة عندهم أمرا لا يترك * واختلف السلف رحمهم الله في أن الأفضل البداءة بالمدينة قبل مكة أو بمكة قبل المدينة وممن نص على هذه المسألة وذكر الخلاف فيها الإمام أحمد رحمه الله في كتاب المناسك الكبير من تأليفه وهذه المناسك رواها الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر عن الحاجب أبي الحسن علي بن محمد بن العلاف عن أبي الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي عن إسماعيل بن علي الخطيبي عن عبد الله بن أحمد عن أبيه في هذه المناسك سئل عمن يبدأ بالمدينة قبل مكة فذكر بإسناده عن عبد الرحمن بن يزيد وعطاء ومجاهد قالوا إذا أردت مكة فلا تبدأ بالمدينة وابدأ بمكة وإذا قضيت حجك فامرر بالمدينة إن شئت وذكر بإسناده عن الأسود قال أحب أن يكون نفقتي وجهازي وسفري أن ابدأ بمكة وعن إبراهيم النخعي إذا أردت مكة فاجعل كل شئ لها تبعا وعن مجاهدا إذا أردت الحج أو العمرة فابدأ بمكة واجعل كل شئ لها تبعا وعن إبراهيم قال إذا حججت فابدأ بمكة ثم مر بالمدينة بعد * وذكر الإمام أحمد أيضا بإسناده عن عدي بن ثابت أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يبدؤن بالمدينة إذا حجوا يقولون نهل من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر ابن أبي شيبة في مصنفه هذا الأثر أيضا وذكر بإسناده عن علقمة والأسود وعمرو بن ميمون أنهم بدؤوا بالمدينة قبل مكة وقال الموفق بن قدامة قال يعني أحمد وإذا حج للذي لم يحج قط يعني من غير طريق الشام لا يأخذ على طريق المدينة لأني أخاف أن يحدث به حدث فينبغي أن يقصد مكة من أقصى الطرق ولا يتشاغل بغيره (قلت) وهذا في العمرة متجسه لأنه يمكنه فعلها متى وصل إلى مكة وأما الحج فله وقت مخصوص فإذا كان الوقت متسعا لم يفت عليه
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»