تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٦
فذلك ظن خطأ فإن للمشاهدة أثرا بينا ليس للغيبة مثله ومن استعان في الغيبة بذلك الميت لم تكن هذه الاستعانة أيضا جزافا ولا تخلو من أثر ما كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام من صلى علي مرة صليت عليه عشرا ومن زارني حلت له شفاعتي فالتقرب بقالبه الذي هو أخص الخواص به وسيلة تامة متقاضية للشفاعة والتقرب بولده الذي هو بضعة منه ولو بعد توالد وتناسل والتقرب بمشهده ومسجده وبلدته وعصاه وسوطه ونعله وعضادته والتقرب بعادته وسيرته وبماله مناسبة إليه يوجب التقرب إليه ومقتض لشفاعته فإنه لا فرق عند الأنبياء والأولياء في كونهم في دار الدنيا وكونهم في دار الآخرة إلا في طريق المعرفة فإن آلة المعرفة في دار الدنيا الحواس الظاهرة وفي العقبى آلة بها يعرف الغيب إما في صورة مثال وإما على سبيل التصريح وأما الأحوال الآخر في التقرب والقرب والشفاعة فلا تتغير والركن الأعظم في هذا الباب الإمداد والاهتمام من جهة الممد وإن لم يشعر صاحب الوسيلة بهذا المدد فإنه لو وضع شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سوطه أو عضادته على قبر عاص أو مذنب لنجا ذلك المذنب ببركات تلك الذخيرة من العذاب وإن كان في دار إنسان أو بلد لا يصيب سكانها بلاء وإن لم يشعر بها صاحب الدار أو ساكن البلد فإن اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم وهو في العقبى مصروف إلى ما هو له منسوب ودفع المكاره والأمراض والعقوبات مفوض من الله تعالى إلى الملائكة وكل ملك حريص على إسعاف ما حرص النبي صلوات الله عليه بهمته إليه عن غيره كما كان في حال حياته فإن تقرب الملائكة بروحه بعد موته أزيد من تقربهم بها في حال حياته إلى هنا كلامه انتهى فانظر إلى ما نقلناه من كلام حجة الإسلام الغزالي وكلام ابن حجر لتعلم أن ما كتبوه ونشروه في بعض الجرائد منسوبا إلى هذين الإمامين قد حرفه عن مواضعه الذين كتبوه فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ألم يعلموا أن زيارة القبور تارة يقصد بها الموعظة بالأموات
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»