بين أن يسمى ذلك تشفعا أو توسلا أو استغاثة وليس ذلك من باب تقرب المشركين إلى الله تعالى بعبادة غيره فإن ذلك كفر والمسلمون إذا توسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأنبياء والصالحين لم يعبدوهم ولا أخرجهم ذلك عن توحيدهم لله تعالى وأنه هو المنفرد بالنفع والضرر وإذا جاز ذلك جاز قول القائل أسأل الله تعالى برسوله لأنه سائل لله تعالى لا لغيره * (فصل) * وأما إلهامهم سؤال آدم ومن بعده صلوات الله تعالى وسلامه عليهم ولم يلهموا في الابتداء سؤال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فالحكمة فيه والله تعالى أعلم أنهم لو سألوه ابتداء لأمكن أن يقول قائل يحتمل أن غيره يقدر على هذا فأما إذا بذلوا الجهد في السؤال والاسترشاد سألوا غيره من رسل الله تعالى وأصفيائه وأولى العزم فامتنعوا ولم يألوهم جهدا في النصح والإرشاد فانتهوا إليه وأجاب وحصل غرضهم حصل العلم لكل أحد بنهاية مرتبته صلى الله عليه وسلم وارتفاع منزلته وكمال قربه وعظم إجلاله وأنسه وتفضيله على جميع المخلوقين من الرسل الآدميين والملائكة وحق لصاحب هذا المقام أن يكون سيد الأمم وأن يسافر إلى زيارته على الرأس لا على القدم * (فصل) * وأما ما يذكره الأنبياء عليهم السلام فنبه القاضي عياض رحمه الله تعالى فيه على فائدة جليلة يؤكد القول المختار أنهم معصومون من الكبائر والصغائر فإن هذه الأشياء التي ذكروها أكل آدم عليه السلام من الشجرة ناسيا ودعوة نوح عليه السلام على قوم كفار وقتل موسى لكافر لم يؤمر بقتله (وكان ذلك قبل النبوة) ومدافعة إبراهيم عليه السلام على الكفار بقول عرض
(١٩٥)