فإن ذلك يؤدي إلى الافتراق وعدم الاتحاد بخلاف ما إذا كان أهل الممالك الإسلامية على سنن وطريق واحد فإن ذلك موجب للاتحاد واتفاق الكلمة وائتلاف القلوب والرفق بجميع المسلمين وأيضا ما زالت الدولة العلية تراعي أهل المذاهب الأربعة في تأدية دياناتهم على مذاهبهم لا سيما في الحرمين الشريفين فكيف يليق أن يأمروا الآن بالعمل بخلاف مذاهبهم وأيضا يلزم من إلزامهم بالعمل بالعصر الثاني حصول محذور كبير وهو أن بعض الملحدة قد يتكلم ويشيع أن أهل مكة أفسدوا على المسلمين دينهم حيث إنهم أفسدوا صلاة العصر لبقية أهل الإسلام التي كانت تصلي قبل دخول وقت العصر الثاني وأيضا القول بالعصر الثاني وإن كان ظاهر الرواية عن الإمام الأعظم رضي الله عنه لكنه له قول آخر موافق للأئمة الثلاثة وهو القول بالعصر الأول واختاره كثير من أصحابه لآخذين عنه ورجحه كثيرون منهم كما في الدار المختار قال وعليه عمل الناس وبه يفتي والذي حمل الناس في الأعصار والأمصار على العمل بالعصر الأول أن أحاديثه كثيرة صحيحة وفي العمل به رفق بالناس وفي العصر الثاني اختلاف كثير بين العلماء في المذاهب فمن العلماء من يقول يكره التأخير إليه ومنهم من يقول يحرم التأخير إليه ومنهم من يقول يخرج به وقت العصر وقولهم إن ظاهر الرواية مرجح مقيد عندهم بما إذا لم يصحح مقابله وقد صحح القول بالعصر الأول كثيرون منهم وقالوا وبه يفتى ومقيد أيضا بما إذ لم يكن عمل الناس على خلافه وهنا عمل الناس على خلاف العصر الثاني وكذلك قولهم يقدم قوله على قول الصاحبين قيده أهل مذهبه بما إذا لم يكن عمل الناس على قولهما وإلا فيقدم قولهما على قوله كما قالوه في وقت العشاء أن قول الإمام يدخل وقت العشاء بمغيب الشفق الأبيض وله أدلة قوية في ذلك وقال الصاحبان يدخل وقت العشاء بمغيب الشفق الأحمر فقدموا قولهما على قوله وقالوا إن عمل الناس على قولهما وقالوا بمثل ذلك في المزارعة فإنه لا يقول بها وقال بها الصاحبان فقدموا قولهما على قوله وعللوا ذلك بأن عمل الناس عليه وقال كثير منهم بمثل ذلك في صلاة العصر وأما ترجيح العلامة ابن نجيم
(٥)