ورحل إلى الشرق وصار يدعو الناس إلى التوحيد وترك الشرك ويزخرف لهم القول ويفهمهم إن ما عليه الناس كله شرك وضلال ويظهر لهم عقيدته شيئا فشيئا فتبعه كثير من غوغاء الناس وعوام البوادي وكان ابتداء ظهور أمره في الشرق سنة 1143 ألف ومائة وثلاثة وأربعين واشتهر أمره بعد الخمسين وألف ومائة بنجد وقراها فتبعه وقام بنصرته أمير الدرعية محمد بن سعود وجعل ذلك وسيلة إلى اتساع ملكه ونفاذ أمره فحمل أهل الدرعية على متابعة محمد بن عبد الوهاب فيما يقول فتبعه أهل الدرعية وما حولها وما زال يطيعه على ذلك كثير من أحياء العرب حي بعد حي وقبيلة بعد قبيلة حتى قوى أمره فخافته البادية فكان يقول لهم إنما أدعوكم إلى التوحيد وترك الشرك بالله ويزين لهم القول وهم بوادي في غاية الجهل لا يعرفون شيئا من أمور الدين فاستحسنوا ما جاءهم به وكان يقول لهم إني أدعوكم إلى الدين وجميع ما هو تحت السبع الطباق مشرك على الاطلاق ومن قتل مشركا فله الجنة فتابعوه وصارت نفوسهم بهذا القول مطمئنة فكان محمد بن عبد الوهاب بينهم كالنبي في أمته لا يتركون شيئا مما يقول ولا يفعلون شيئا إلا بأمره ويعظمونه غاية التعظيم وإذا قتلوا إنسانا أخذوا ماله وأعطوا الأمير محمد بن سعود منه الخمس واقتسموا الباقي وكانوا يمشون معه حيثما مشى ويأتمرون له بما شاء والأمير محمد بن سعود ينفذ كل ما يقول حتى اتسع له الملك وكانوا قبل اتساع ملكهم وتطاير شررهم أرادوا الحج في دولة الشريف مسعود بن سعيد بن سعد بن زيد وكانت ولاية الشريف مسعود إمارة مكة سنة 1146 ستة وأربعين ومائة وألف ووفاته سنة 1165 خمسة وستين ومائة وألف فأرسلوا يستأذنونه في الحج وغاية مرادهم إظهار عقيدتهم وحمل أهل الحرمين عليها فأرسلوا قبل ذلك ثلاثين من علمائهم ظنا منهم أنهم يفسدون عقائد أهل الحرمين ويدخلون عليهم الكذب والمين وطلبوا الإذن في الحج ولو بشئ مقرر عليهم كل عام يدفعونه وكان أهل الحرمين قد سمعوا بظهورهم في نجد وإفسادهم عقائد البوادي ولم يعرفوا حقيقة ذلك فلما وصل علماؤهم مكة أمر الشريف مسعود أن يناظر علماء الحرمين العلماء الذين بعثوهم فناظروهم
(٤٣)